ماهية الترجمة

ما هي الترجمة ؟

الترجمة ما بين العلم والفن والذوق

هل هي نقل معنى كلمة ، أو جملة أو فقرة أو نص من لغة الى لغة أخرى؟

لو سلّمنا بهذا المفهوم ، لكان الأمر في غاية البساطة ؛ وهكذا ، فإن كل شخص بإمكانه فتح المعجم ونقل المعنى ، وكان الله بالسر عليما ، وبالتالي يصبح كل شخص قام بهذه المهمة اليسيرة البسيطة مترجماوعلى ضوء هذا التعريف ، لا اعتقد أن هناك تخصص أو مجال أسمه الترجمة ، وعليه ، لايمكننا اعتبار فلان مترجما كصاحب مهنة يشار اليها ، ويتم تصنيفها مثله مثل الطبيب ، المهندس ، المحامي …الخ  ولكن المفهوم الصحيح يختلف اختلافا ً كليا و تاما عن هذه النظرة الخاطئة والمفهوم المغلوط

نبذة عن الترجمة

عندما نتحدث عن الترجمة فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا نقل النص من لغة معينة إلى لغة أخرى، ونستحضر في عقولنا مصطلحي لغة المصدر source language “SL” ولغة الهدف target language “TL” إشارة إلى لغة النص الأصلي، ولغة النص المترجم، لذا فإن الحديث عن الترجمة داخل اللغة الواحدة قد يدفعنا إلى التعجب!!

إن جملة النظريات التي طرحت حول الترجمة حتى بدايات القرن العشرين كانت تدور في ذات الدائرة الجدلية المفرغة، والتي تطرح التساؤل حول ما إذا كان من الواجب أن تكون الترجمة حرفية (كلمة بكلمة Word for Word) أي تقوم على الاستبدال اللفظي، أم أن تكون حرة ( معنى مقابل معنى Sense for Sense) ويكون الاهتمام هنا بمضمون الكلام لا بألفاظه، وغالبية هذه النظريات نبعت من الاهتمام بترجمة النصوص المقدسة خاصة ترجمة الإنجيل، فالتنظير للترجمة ليس وليد العصر الحديث، وفي منتصف القرن العشرين ظهرت نظريات تتناول الترجمة من منظور علوم اللسانيات، وكان أشهرها ما تتناول المعنى و التكافؤ Meaning & Equivalence متبوعة بنظريات التكافؤ الشكلي والتكافؤ الديناميكي، ثم ظهرت النظريات اللغوية التي طرحت مفهوم التغير shifts بين الأزواج اللغوية من خلال تطبيق مفاهيم اللغويات المقارنة Contrastive Linguistics، وبعدها ظهرت نظريات تناولت الدور الوظيفي للترجمة، وعلى أثر هذه النظريات – الأخيرة- تحولت النظرة القديمة والتي ظلت سائدة حتى الثمانينيات من القرن العشرين والتي تعاملت مع الترجمة بوصفها ظاهرة لغوية جامدة غير متطورة، فحولت نظريات الدور الوظيفي للترجمة هذه المفاهيم إلى اعتبار الترجمة أحد أنشطة التواصل البنيوي الاجتماعي الثقافي، وتطور الأمر بظهور نظرية الهدف Skopos theory التي ركزت على وظيفة النص الهدف في الثقافة الهدف، وتم اعتبارها جزءاً من نموذج الفعل الترجمي translational action، وهذا النموذج ينظر للترجمة على أنها مثل عملية إبرام الصفقة التجارية، حيث يتواصل فيها المنتج، مع المسوق، مع المشتري، مع المستخدم، ولم يعد تقييم الترجمة يتم طبقاً لمطابقة النص المترجم للنص الأصلي، بل باتت الترجمة الجيدة –وفق هذا النموذج- هي التي تعمل على توصيل هدف معين للفئة المستهدفة، ثم أتبع ذلك نظريات تحليل الخطاب، والتنوع اعتماداً على مفاهيم اللسانيات الوظيفية النظمية Systemic functional linguistics، ونظريات النظم المختلطة أو المتعددة، ثم النظريات التي رأت أن الترجمة تمثل نموذجاً للتحول الثقافي وأنها إعادة تأليف أو صياغة، وكذلك نظريات ترجمة ما بعد الاستعمار Post-colonialism وصولاً إلى نظريات الترجمة الفلسفية، ومن بعد ذلك أطل جدل قد يبدو في ظاهره حديثاً إلا أنه قديم جداً، ومرجع هذا الجدل يعود إلى النظرية التي طرحها رومان أوسيبوفيتش ياكبسون .Roman Osipovic

تاريخ الترجمه

 عرف العرب الترجمة من اقدم عصورها. ففي زمن الدولة الأموية، تمت ترجمة الدواوين، واهتم بحركة الترجمة الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيا الترجمة في العصر العباسي كانت بعد الفتوحات العربية، واتساع رقعة الدولة العربية نحو الشرق والغرب، واتصال العرب المباشر بغيرهم من الشعوب المجاورة وفي مقدمتهم الفرس واليونان ولا سيما في العصر العباسي، ازدادت الحاجة إلى الترجمة، فقام العرب بترجمة علوم اليونان، وبعض الأعمال الأدبية الفارسية، فترجموا عن اليونانية علوم الطب والفلك والرياضيات والموسيقى والفلسفة والنقد.‏وبلغت حركة الترجمة مرحلة متطورة في عصر الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، الذي يروى أنه كان يمنح بعض المترجمين مثل حنين بن إسحق ما يساوي وزن كتبه إلى العربية ذهبًا، ومن المعروف أن المأمون أسس دار الحكمة في بغداد بهدف تنشيط عمل الترجمة، ومن المعروف أن حنين بن إسحق ترجم وألف الكثير من الكتب وفي علوم متعددة، وتابع ابنه. إسحق بن حنين بن إسحق هذا العمل.‏ ففي القرن التاسع الميلادي، قام العرب بترجمة معظم مؤلفات أرسطو،وهناك مؤلفات كثيرة ترجمت عن اليونانية إلى العربية، وضاع أصلها اليوناني فيما بعد، فأعيدت إلى اللغة اليونانية عن طريق اللغة العربية أي أنها لو لم تترجم إلى اللغة العربية لضاعت نهائيًا.