
مهدى نودهي[۲]
۰۹۳۰۲۳۹۸۸۴۰-mehdinowdehi@Gmail.com[1]2- طالب اللغة العربية في مرحلة الدكتوراه بجامعة الحكيم السبزواري
محمّد الماغوط و احمد شاملو في جدليّة العاطفة والفكرة
الملخّص
محمّدالماغوط شاعر سوريّ معاصر، كاتب سيناريو، مسلسلات تلفزيونيّة، ومن روّادقصیدة النّثر له دور كبير في تطّور الادب العربيّ عامّة والادب السّوريّ خاصّة. وذلك يأتي انطلاقا من تمرّده على القالب الكلاسيكيّ للوصول الي قالب شعريّ يوافق ذهنيّة الانسان المعاصر.
ومقابل ذاك في الفارسي، عندنا احمد شاملو، يعتبر شاعرا معاصرا و من روّاد قصيدة النّثر، قد عمل في مختلف المجالات الادبيّة من بينها الشّعر والصّحافة والسّناريو والمسلسلات التلفيزيونيّة و ما إلي ذلك. و بفارق قليل بالنّسبة لمحمّد الماغوط استطاع بتمرّده علي القالب الكلاسيكيّ أن يخلق فنّا في الادب الفارسيّ حيث جعل الشّاعر حرّا في اختيار الالفاظ و القوافي.
تهدف هذه المقالة الي كشف الغطاء عن تجربة الشّاعرين الشّعريّة اعتمادا علي المقارنة الادبيّة بين تجربه الشّاعرين الشّعرية في البعد النّظريّ وانطلاقا منه الي تلمّس فكرة معيّنة تجعل المخاطب يتعرّف علي ماهيّة المكوّنات الادبيّة في نصّهما الشّعري ولاسيّما الفكرة والعاطفة .هذا من جانب لكن من جانب آخر تركّز علي جدليّة العاطفة والفكرة نيلا منها الي الكشف عن مدي تأثّر الشّاعرين بهما في قوتهما الابداعيّة. لكن منهجنا في هذا البحث بني علي المذهب الامريكيّ و الّذي يتجاوز بالدراسة عن قضايا “كالتاثير و التاثر” و “الخلاف اللغوي”و الخ.
الكلمات الرّئيسيّة: الادب المقارن، محمّد الماغوط، احمد شاملو، العاطفة، الفکرة
المقدّمة
الأدب بوصفه عنصرا هامّا من العناصرالثّقافيّة يعتبرمرآة صافية تتجلّی فيها الكثير من القضايا الانسانيّة، منهامثلا القضایا السیاسیّة والاجتماعیّة والأخلاقیّة وغيرها الّذي يشكّل هيكل الانسان الوجوديّ بشكل عام. و من جهة أخري يعتبر أداة للتّعبير عمّا يختلج في ذهنيّة الانسان من شعور بالغربة أو الحنين إلي الوطن والحقيقة وغيرهما حيث تجعله_ باعتماده علي الشعر مثلا_ بعيدا عن الضغوط و التّبعثرات الذهنيّة.
يعتقد الكثيرمن المنظّرين أن الادب يتألّف من اربعة محاور منهامثلا« العاطفة والفکرة والخیال والأسلوب» (فتوحی، ۱۳۸۰ش: ۱۸۹ -۱۹۰). و«لعل العاطفة أقوی العوامل اتصالا بالأدب وبسائر الفنون الجميلة و أوضح أثرا فی النّفس. فهی الطّابع الّذی یمیز الفنون و هی الجوّ الصّافی الّذی فیه تسبح و ترتوی…»(عبدالحمید،۱۹۴۳م:۲۰) و الّذي یأتی بعدها هو الفکرة وهی الّتي لها دور محوریّ فی تکوین بناء النتّاج الفنّي. بشکل عام« الفكرة تعني الفهم و الادراك لما يكون ببيئتنا» (پروینی، ۱۳۹۱ش: ۶).
یعتبر الخیال عنصراأساسیّا آخر من هیکل الادب وذلک« نتیجة نوع من التّجربة الشّعوریّة تنطبق علیها أرضیّة عاطفیّة» (كدكني، ۱۳۸۸ ش:۱۰۸ ). العنصر الأخیر للادب هوما یسمّی بالاسلوب و من وظیفته تقویم الهندسة الادبیة. فی الواقع« إنّ الاسلوب فی المجال الادبیّ طریقة یستعین بها الشّاعر للتّعبیر عن الفکرة علی أساس اختیار الالفاظ و التّراکیب و غیرها» (کریمی، ۱۳۸۹ش: ۸۰). نظرا إلی أن الدّراسة تتمحور حول “الفکرة” و” العاطفة” فیجری تطبیق الامر علیهما فی هذا السّیاق.
یعتبر محمّد الماغوط و احمد شاملو من الشّعراء الّذين كان لهم يدطولى في توجيه الادب نحو الرقيّ و التطوّر و ذلك لم يحدث إلامن خلال تمرّدهما الصّوريّ علي القالب الكلاسيكيَ و انطلاقا منه إلي تجربة شعريّه رائعة انطلقت منها ما يسمّى بقصيدة النثر.نظرا إلي أن الشّاعرين قدجرّبا ظروف مأساويّة في حياتهما نتيجه تلمّس السّلبيّات السيّاسيّة والاجتماعيّة بالطّبع ينفعنا كثيرا أن نتناولهما بالدّراسة عاطفيّا وفكريّا.
- سؤال البحث هو انّه ما هي وظيفة الفكرة و العاطفة في تجربة الماغوط وشاملو الشعريّة؟
بالنّسبة لخلفیّة البحث یمکن القول بانّه يعتبر محمّد الماغوط و احمد شاملو من الشّعراء الذين قد تطرّق اليهما الكثير من الأساتذة و غيرهم بالدّراسة حيث تتجاوز هذه الدّراسات عن مجال الاعتبار والاحصاء.ففي مجال الكتب هناك ما يسمیّ ب”شاملو و عالم المعنی (لبقائي ماكان: ۱۳۸۶)، و من ميزات هذا الكتاب أنه ركّز علي القضايا التّجريديّة فقط. فيما يتعلّق بالمقالة أیضا هناك مقالات ترتتبط بهذا الموضوع ك”قصيدة النّثر عند محمّد الماغوط و احمد شاملو”(كنجیان خناری: ۱۴۳۲). والاّ انّها قد تطرّقت إلي قصيدة نفسها، بعيدة عن الجذور الفكريّة و العاطفيّة. و کذلک هناک مقالات ذات صلة بهذا البحث مثل”تجلّیات الاجتماعیّة في أشعار احمد شاملو و محمّد الماغوط” ممّا یتطرّق فیها الکاتب الی الارضیّة الاجتماعیّة المهیمنة علی نصّهما الشّعریّ دون إلقاء الضّوء على مكوّناتهما الادبيّة كالفكرة و العاطفة. و من بینها ایضا مقالة تحت عنوان “تجلیّات المقاومة فی أشعار محمّد الماغوط”و من خلالها یتحدّث الکاتب عن المقاومة و تجلّیاتها فقط.
یختلف الادباء في تحدید میلاد الشاعر و الکاتب السّوريّ محمّد الماغوط. لکن اغلب الظّنّ أنّه ولد عام ۱۹۳۴ في مدینة السّلمیّة؛ محافظة حماة في سوریا؛ من عائلة فقیرةو رحل عام۲۰۰۶٫ تعلّم في المدرسة الابتدائیّة في السّلمیّة ثمّ المدرسة الزّراعیّة في السّلمیّة من غیر أن ینهی تعلیمه. فغادر مجال التّعلیم و الدّراسة اعتماداعلی نفسه فیها واستقی معرفته للآداب الغربیّة من الترجمات العربیّة لها(أنظر الیسوعی، ۱۹۹۶م: ۱۱۵۹).
بدأت حیاة الماغوط السّیاسیّة بعد أن التحق بالحزب السّوريّ القوميّ نتیجة الفقر. یجیب نفسه عن سؤال طرحه خلیل صویلح عن سبب اتّجاهه إلی السّیاسة قائلا: «ربّما کان الفقر في ذلک، فبالنّسبة لفتی یافع وفقیر مثلی… وکان هناک حزبان…هما حزب البعث والحزب السّوريّ القوميّ وفي طریقي للانتساب إلی أحدهما، اتّضح لي أن أحدهما بعید عن الحارة ولایوجد في مقرّه مدفأة…. إخترت الثّانيّ دون تردّد، لأنّه قریب من حارتنا وفي مقرّه مدفأة ولم أقرأ بصراحة صفحتین من مبادئ…لم أحضرلهاجتماعاً…»(صویلح،۲۰۰۲م: ۱۴).
«ولد أحمد شاملو ( ۱۳۷۹-۱۳۰۴) “الف – صبح، الف- بامداد ” في شارع صفي علیشاه بطهران. بعد ذلک بقلیل انتقلت أسرته إلی مناطق منها رشت، و سميرم، واصبهان، وآباده، وشیراز. و بما أن أبا الأسرة کان بطبيعة شغله مضطرّاً إلی الانتقال والتروّح من مدینة إلی أخرى فلم تکن دراسته مترکّزة، فدرس هنا وهناک دونما ترکّز » (اختياري، ۱۳۸۱ش: ۱۹). لقد تزوّج شاملو فی حیاته ثلاثة مرّات. لکنه کان فی خلاف کبیر مع صاحبتیه الاولیین و انتهي الي الطلاق، سوی صاحبته الاخیرة آیدا سرکیسان وهی الّتی کانت لها دور هامّ فی تفتّح برعمه الادبیّ والفکريّ. لذلک یخصّها الشّاعر مجموعتین من مجموعاته الشعريّة ک”آیدا في المرآة”(آیدا در آینه) و”آیدا والشجرة والخنجر و الخاطرة”شکرا لجميلها في حقّه وعرفانا لقدرها طیلة الحیاة.
«بدأ شاملو نشاطاته السّیاسیّة عام ۱۳۲۱ عندما کان تلميذاً في المرحلة الإعدادیّة. ألقی في السّجن بعد ذلک بقلیل علی أیدي المتّفقین، فترک الدراسة مائلاً إلی السّیاسة. أخذ یعمل في الصّحافة عام ۱۳۲۴ في مجلات متعدّدة منها مثلا الأدبیّة والسّیاسیّة والأدب العام او”فولکلور» (المصدرنفسه: ۱۹).
الادب المقارن:تعريفه و ماهيتّه
لقد ادّي الادب المقارن بحظوره في مجال الادب دورا كبيرا، في أن جعل الاداب العالميه تدرس و تناقش في ظلّ خيط نقديّ واحد.حيث انّه قد ينتهي بنا أحيانا بالحكم علي نوع من الوحدة في مجال بعض الدّراسات للّغات المختلفه. ففي الادب الفارسيّ هناك “به باغ همسفران ” للسيّديّ يدلّنا بشكل عميق علی وجود ترابط وتواصل فكريّ بين الادباء و الشّعراء عن الوعی واللاّوعی.
تتضارب الاراء حول ماهيّة الادب المقارن و تعريفه. فتداخلت التّعاريف بعضها علي البعض بالنّسبه لهذا الموضوع. هناك مدرستان أساسيّتان لكل واحد منهما تعريفه الخاص به فی هذا المجال. فأ جلی تعريف قدّمه المدرسة الفرنسيّة- باعتبارها المصدر المحوريّ للادب المقارن- هو ما قاله فرانسوا جويار (Maurice Francois Guyard) «الادب المقارن هو تاریخ العلاقات الادبیّة الدولیّة. و یعتبر دارس الادب المقارن کمن هو مترصّد لیکتب و یدرس الاخذ و العطاء الفكري و الثقافي فيما بين الامم المختلفة» (منظم؛ ۱۳۸۹ش، ۲۲۴).
و مقابل ذلک هناک المدرسة الامریکیّة. «فقدم رينيه ويلك نظرات تركيبيّة شموليّة وفي الوقت نفسه انبرى “هنري رماك”عرّف الأدب المقارن بأنه دراسة الأدب خلف حدود بلد معيّن، و دراسة العلاقات بين الأدب و مجالات أخرى من المعرفة والاعتقاد مثل الفنون كالرسم، و النحت، و العمارة و الموسيقى، و الفلسفة، و التاريخ، ، و العلوم الاجتماعيّة كالسّياسة، و الاقتصاد، و الاجتماع، و، العلوم، و الديانة، وغير ذلك. وباختصار هو مقارنة الأدب بمناطق أخرى من التّعبير الإِنسانيّ» (الادب المقارن/هدی قزع/المصباحnawafz.own.com.).
لکنّ الیوم یعرف بعض من النّقاد« أنّ الادب المقارن نوع من المنهجیّة یمکن من خلالها دراسة تاثیر النّصوص فی مختلف المجالات الثّقافیّة.»(پیرانی؛۱۳۹۱ش، ۳۲).
الادب المقارن والمدرسة الفرنسیة
تعتبر فرنسا المحطّة الاولی للادب المقارن و الّتی اخذ فیها الادب المقارن ینمو و یترعرع. بعبارة أدقّ «إنّ نشأة الادب المقارن يرجع في الاصل الي القرن التاسع عشر حوالی سنة ۱۸۲۷حينما بدأ الاديب الفرنسيّ آبل فيلمان يلقي محاضراته في الادب المقارن حول الادب الفرنسي و الانجليزي» (ممتحن؛ ۱۳۸۶ش، ۹۶).
هناک أصول و قواعد لهذه المدرسة منها:
- إنّ الادب المقارن جزء من تاريخ الادب و متمّم له.
- انّ هذا الفن متاثّر فی حد ذاته بالفلسفة الوضعیّة، معتمدا علی شواهد و قضایا علمیّة.
- قاعدة التّاثیر و التاثّر
- یتنوعّ المجال الدراسيّ فی المدرسة الفرنسیّة. فمنها دراسة الاساطیر، و المذاهب الادبیّة، و التیّارات الفکریّة، و الانواع الادبیّة و ما الی ذلک.
- الخلاف اللغویّ اصل محوریّ فی مجال الادب المقارن و إن أثار نقدا لاذعا فی هذا المجال ( أنظر منظم، ۱۳۸۹ ،۲۲۴-۲۲۵). لقد انتهت هذه المدرسة الی تکوین مدرسة فکریة اخری تحت عنوان المدرسة الامریکیة، ناتی بها مباشرة.
المدرسة الامریکیة و الادب المقارن
تتجلیّ ضوابط هذه المدرسة فی انتقادات وجّهها رینیه ویلیک الی المدرسة الفرنسیّة التی کانت تحدّ وظیفة الادب المقارن ضمن قضایا خاصّة ک”التّاثیر و التاثّر”و”الخلاف اللغویّ” و ما الی ذلک. من انتقادات رینیه ویلیک- والّتی کانت هی محاوره الفکریّة فی الوقت نفسه-هی :
- عدم وجود تعریف واضح وشفّاف من الادب المقارن و أسالیبه.
۲- قلّة الاعتناء بالاثر الادبيّ
۳- القومیّة و الوطنیّة (المصدر نفسه، ۲۲۸).
فی الحقیقه هناک فارق محوریّ بین المدرسة الفرنسیّة و المدرسة الامریکیّة فی الاتّجاه الفکریّ و التّنظیم الذهنیّ. فالفرنسیّة تجعل الدّراسة التّطبیقیّة محدودة بثغور وخیوط جغرافیّة معیّنة. الاّ انّ الامریکیّة و علی قمّتها رینیه ویلیک تعتقد بانه لیس هناک من حدّ و ثغر جغرافیّ فی دراسة الاثار الادبیّة.الفرنسیّة تجعل الاثر الادبیّ کجزء، متناولة اياه بالدّراسة.الاّانّ الامريكيّة تعتبر الاثر الدراسيّ ك”كل” يجوب آفاق البلاد ولايحدّ في مكان جغرافيّ معيّن.
دینامیکیّة البیئة السوريّة في تكوين بناء الماغوط الفكريّ والعاطفيّ
نعلم جيّدا انّ البيئة لها تاثير هامّ في توجيه الادب بشكل عام. و الشّاعر يتاثّر بالبيئة كما انه يؤثّر عليها على جهة النّسبة. و كذلك البيئة من القضایا و العناصرالّتی توثّر کثیرا علی ذهنیّة الشّاعر في تجربته الشعريَة؛ ذلک أنَه هناک صلة وثیقة بینها وبین بنیة الشاعر الفکريّة والعاطفيّة. فإذا کانت البیئة تمتاز بالاضطراب والتأرجح فتتأثّر بها نفسیّة الشّاعر أیضا، فتمیل إلی العواطف السلبیّة من الحزن ، والغمّ، والکئابة، والسودایّة أخیرا. كما انها إذا کانت تطبع بطابع إیجابيّ معتدل فتمتاز ذهنیّة الشّاعر بالاعتدال والثّبات إطلاقا. لكن اذا أردنا ان نعدّ الدّوافع و العوامل الّتي اثّرت في توجيه الماغوط الفكريّ و الادبيّ يمكن الاشارة الي الاسرة الّتي كان يعيشها الشّاعر.
ويقول في هذا الصدّد«کانَ أَبيْ لا یُحِبُّني کَثِیراً// یَضْرِبُني عَلی قَفایَ کَالْجاریِةِ //وَیَشْتُمُني في السُّوقِ//وَبَیْنَ الْمَنازِلِ الْمُتُلَطِّخَةِ کَاَیْدي الْفُقَراءِ//کَکُلِّ طُفُولَتي ضائِعاً ضائِعاً… »( الماغوط؛ ۲۰۰۶م ، ۴۵). یتّضح لنا انّ أسرة الشّاعر كان تطبع بطابع سلطويّ و الاب هو المهيمن عليها في قضايا الحياة علي الاطلاق. هذا الامر أدّي بدوره تاثيرا كبيرا في قوّة الشّاعر الابداعيّة. فكثيرا ما نجد يتذكّر متأوّها أيامه الماضية بالاعتماد علي تقانة الاستذكار.
السّجن من العوامل الاخرى الّتي كان لها ايضا تاثير هامّ في تجربة الماغوط الشّعريّة. و لربّما كان السّجن الدّافع المحوريّ الّذي جعل برعم الشّاعر الادبيّ يتفتّح أكثر فأكثر حتّي يصبح من كبار الشّعرا ء أو بل من رواد قصيدة النثر. يقول نفسه عن تاثيرالسّجن في بعض محاوراته مع خليل صويلح قائلا« في السّجن انهارت کلّ الأشیاء الجمیلة و سقطت جمالیّات الحیاة فيه ولم یبق أمام السّجین سوی الرّعب و الفزع فقط ولا غیر. فقد فوجئت بالقسوة والرّعب و بضغوط قاسیة علی شخصی الضّعیف، إذ لم أکن مؤهّلآ آنذاک نفسيّاً أوجسدیّاً، لما تعرّضت له من هوان و ذلّ. و کان السّجن المبکّر هو بدایة صحوة الشّباب و بدلا من أن أری السّماء، رأیت الخداء، حذاء عبدالحمید السرّاج، وهذا ما أثّر علی بقیّة حیاتي. نعم رأیت مستقبلي علی نعل الشرطیّ…»(صویلح؛۲۰۰۲م، ۱۶).
علي ايّة حال ، یمکن تقسيم تاثير السجن علي اتجاه الشاعر ضمن محورين هامين هما الإیجابيّ والسّلبيّ. فالشّاعر عندما دخل السّجن تعرّض لسوء العذاب والقمع، فأثرّهذا الأمرعلی ذهنیّته سلبیّا، مما وجه عاطفته نحو النّزعات السلبيّة کالتّمرد، و الرّفض، و الإطلاقیّة، و الدغماتيّة. لكن بعده الايجابي هو ان الشاعر أصبح –نتيجة الضغوط السياسية- شاعرا كبيرا، مفلقا و ادرك الحياة بالمعني الواسع للكلمة.
العامل المحوريّ الاخير الّذي يلعب دورا هامّا في بناء الماغوط الشعريّ و الشّعراء السورييّن هو وضعيّة سوريا السّياسيّة العامّة من جهة و الدّول العربيّة من جهة اخرى. في الحقیقة أنّ الحرّب العالمیّة الأولی والثّانیّة و بما فيهما من اتفاقیّات أمثال سایکوس- بیکو و وعد بالفورلم تکن إلاّ سبباً في زیادة الأزمات الاقتصاديّة و السّیاسيّة و الاجتماعيّة في البلدان العربیّة و لاسیّما سوریا. «فأصبحت هذه البلاد(العربيّة) في خضمّ المعارک الدولیّة من جهة و المعارک الداخلیّة من جهة أخری.کما أنّها أصیبت بالانهیار الثقافيّ والاقتصاديّ، وانخفاض مستوی المعیشة بین النّاس عقب ذلک.و رغم موقع سوریا المناسب الّذي أضحی سبباً لتحولّها إلی بلاد تجاریّة رائعة، إلاّ أنّها مع ذلک کان بلادا في الوقت ذاته لعبور جیوش الدّول القویّة من الشّمال إلی الجنوب ، وعلی طول شاطیء البحر للوصول إلی مصر وبالعکس» (کشیشان؛ ۲۰۰۸م، ۵۳).
عاطفة الماغوط الشعریة
تعتبر العاطفة عنصرا هامّا آخر، له دور هامّ في توجيه الأثر الادبيّ نحو الرقيّ والتطوّر.في الحقيقة انّ العاطفة مكوّنة أخری من المكوّنات الادبيّة الّتي تؤدّي وظيفتها من منظور سيكولوجيّ. فبقدر ما يرتفع مستوی العاطفة يصبح البيان أكثرجلاء وأشدّ وقعا علی النّفس لدی الشّاعر. ممّا لا شکّ فیه، أنّه هناک علاقة وثیقة بین الأدب وعلم النّفس؛ لأنّ نفسیّة الأدیب مفتاح تحکم یوجّه حرکته الأدبیّة من بُعُد« و کما أنّ الأدب میدان تتباری فیه العقول وتتنافس فیه الأفکار و حیث أن الأدب میدان فکر وتدبّر و مجال إمعان وتبصّر فلا مراء في أنّ هناک علاقة وثیقة بین علم النّفس و الأدب مما یفتح المجال لعلماء النّفس والمشتغلين به لكی يجولوا في هذا الموضوع و لأنّه حیث یوجد نشاط عقليّ توجد مادة خصبة بأرض عامرة لعلم النّفس لکی یثبت وجوده ویستقیم عوده ویحقّق من خلال ذلک ذاته وموضوعه» (فضل محمد، ۱۹۸۸م؛ ۶۴).
تعتبر العاطفة عنصرا هامّا فی تجربة محمّد الماغوط الشّعریّة. فما من قصیدة له إلا و فیها نوع من النّزعة العاطفیّة توجّه البنیة الدلالیّة نحوجو سیکولوجیّ خاصّ بالشّاعر و أبناء شعبه. والجدیر بالذّکر أنّها أحیانا تتغلّب علی بنیة الشّاعر الفکریّة حیث تطبع القصیدة بطابع عاطفيّ بحت بعید عن أیّ فکرة. تنقسم العاطفة فی تجربة الماغوط الی عاطفة الحبّ و الغضب.
۱-عاطفة الحب: هی تاتی من ضمن محوریین اساسیین هما:
أ- حبّ المرأة: لقداحتلّت المرأة مکانا واسعا فی بناء الشاعر الشّعريّ حيث أنّنا نجد أنه قد تدلّ بعض عناوينه الشعريّة علي المرأة مباشرة أم غير مباشرة. فلنقرأ هنا کلام”فوازحجو”في هذه المناسبة عندما یقول: «…و علی ذکر المرأة نجد الماغوط في شعره شدید الاهتمام بها، ولا یذکرها إلا في نفسه أشیاء منها، ولعلّ أبرز ما یتراءی في شعره نحو المرأة حرمانه الّذي انطبعت علیه شخصیّته، ولایمکن أن نتحدّث عن هذ الشخصیّة بمعزل عن أثر المرأة في شعره وشخصیّته وقد تناول شعره بالدّراسة لؤي آدم واستنتج اعتماداً علی مفهوم فروید للنزوع الإبداعي لأن التّوتّر الدّائم الّذي رافق الماغوط نتیجة الکبت الغریزيّ هو السبب الحقیقي لهذه النّزعة الإبداعیّة».(حجو؛۲۰۰۴م: ۳۱).إذا راجعنا شعره وجدناه یجسّد هذا النزوع في أکثرمن قصیدة.
ففي قصیدة “الشّتاء الضّائع یقول”:« یَطیبُ لِي کَثِیراً یا حَبیبَتی، أَنْ أَجْذِبَ ….//أَنْ أفْقِدَکَآبَتِي أَمامَ ثَغْرِکَ العَسَليّ//فَأَنا جارِحٌ یا َلیْلی» (الماغوط؛ ۲۰۰۶م: ۳۷).
هکذا تصبح المرأة عنده طعاماً یتغذّی به إشباعاً لنفسه و إرضاء لعاطفته. علی هذا ینتهي بنا الأمر بالنسبة للشاعرإلی أن نحکم علیه با”لجبر النفسيّ”؛ لأنّ ذلک أصبح جزءاً لا یتجزّأ من فکرته ونظرته ویقوده حیث یشاء. یؤّید هذا الأمر کلامه: « آه کَمْ أَوَدَّ//أَنْ آکُلَ النِّساءَ بِالْمَلاعِقِ//أَنْ أَقْضِمَ أّکْتَافَهُنَّ کّالْفَهْدِ//الزَّوْجاتِ الوَحِیداتِ//الزَّوْجاتِ السَّمْراواتِ //حامِلاتِ الْحَلِیبِ وَالْخُضَارِ…» (الماغوط؛ ۲۰۰۶م: ۱۸۶).
باء- حبّ القرية: هو آليّة اخري يعتمد عليها الماغوط في تجربته الشّعريّة خلاصا من الضّغوط الخّارجيّة و المشاكل و الصّعوبات الاجتماعيّة.كثيرا ما نجد الشّاعر يبدي عن حبّه العميق لبيته الّذي كان يعيش فيه بدايات تكوينه و ميلاده. يقول في هذا الصّدد:« بَیْتُنَا الِّذِی کانَ یَقْطُنُ عَلَی صَفْحَةِ النِّهْرِ//وَ مِنْ سَقْفِهِ الْمُتُداعِي/…/ هَجَرْتُهُ یا لَیْلَی//وَ ترَکْتُ طُفُولَتيَ الْقَصِیرَةَ/…/ تَذْبُلُ فِي الطُّرُقاتِ الْخاوِیَةِ کَسَحابَةٍ مِنَ الْوَرْدِ وَالْغُبارِ//غَدا یَتَساقَطُ فِي قَلْبِي//وَ تَقفِزُ الْمُتِنَزِّهاتُ مِنَ الأَسْمالِ وَ الضِّفائِرِ الذَّهَبِيَّةِ…» (الماغوط؛ ۲۰۰۶، ۶۶ ). یصّورالشّاعر هذا “البیت” معربا عن حبّه العمیق له و آسفا علیه شدیدا. یقول بتعبير آخر: «کانَ بَیْتُنا غایَةً فِي الاِصْفرِارِ//یَمُوتُ فِيهِ الْمَساءُ// یَنامُ عَلی أَنِینِ الْقَطاراتِ الْبَعیْدَةِ وَ فِي وَسَطِهِ// تَنُوحُ أَشْجارُ الرُّمّانِ الْمُظْلِمَةِ الْعارِیَةِ/ / تَتَکَسَّرُ وَ لا تُنْتِجُ أَزْهاراً فِي الرَّبِیعِ//حَتَّی الْعّصافِيْرُ الْحَنُونَةُ//لاتُغَّرِدُ عَلی شَبابيكِنا…» (المصدر نفسه؛ ۶۶). فاعتماد الشّاعر علی “کان … یقطن”، “هجرته”، و”ترکت”في المقطع الاّول، و”کان بیتنا”، و”یموت فيه المساء”، وأشجار الرّمّان … تتکسّر” و”لاتنتج”، یدلّنا علی أنّ الشّاعر قد اعتمد علی تقانة الاستذکار في بنائه التصویريّ وذلك يوجّهنا الي انفعال عاطفيّ ينتج عن مولده المتاز بالضّعف و الركاكة.
تاء– حب الوطن(الوطنیة): إنّ الماغوط بطبیعته عاشق متمرّد یحترم قواعد الشّوق والحبّ. وقد تعلّمها في أزقّة العواطف و شوارعها نقطة نقطة وحرفاً حرفاً. ولا یقصرفی نزعته الفیزیائية فقط، بل یتجاوزها إلی حبّ إنسانی رفیع کحبه للوطن ولاسیما سوریا ولبنان اللتین تفتح فيهما برعمه الشعري. یقف منهما موقف عاشق صاف یحترم المعشوق تماماً. یعبّرعن حبّه لوطنه سوریا قائلاً: «وَ الْوَطَنُ یَئِنَّ وَ یّبْکِي عَلی مَدارِ السَّاعَةِ//وَ أَنَا کَالْأَمِّ الحّائِرَةِ//وَ لا تّعْرِفُ سِوَی أَنْ تُصّلِّي//وَتَضُمُّهُ إِلی صَدْرِها// وَتَسْتّعْجِلُ قُدُومُ الصَّباحِ…» (الماغوط؛ ۲۰۰۶م :۲۹۰).
یحبّ الوطن حبّ عاشق ترک الامور کلّها منقطعا الیه، حبّ من اختلط بلحمه ودمه، حبّ أم تضمّ ابنها إلی صدرها. هنا یکشف لنا عن علاقة تلازمیّة بینه وبین الوطن کما هو واقع بین المحبّ والحبیب، والحبّ باق إلی ذروة الوحدة. یقول في مکان آخر عن شدةّ حبّه لوطنه: « أَیَّهَا الْوَطَنُ الْغَارِقُ فِي التّْفَّاهاتِ// لَنْ أّفْقِدَکَ…//حَرَمْتَنِي رُؤْیَةَ النُّجُومِ//تَأَمُّلَ الأُفُقِ//إنْتِظارَ الْفَرَجِ//رائِحّةّ الخُبْزِ…» (المصدر نفسه: ۱۵۵). یحبّ الوطن دون أي توقّع منه، سواء أن یکون بغیضاً أو فاتراً أو شهیّاً. ذلک هو الذّریعة الوحیدة الّتي یمکن بها العاشق أن یری سعادته وکآبته وحزنه. هو مرأة تنعکس فيه ذکریّاته وهمومه وأفراحه، وکذلک سجلّه الحضاريّ. في الحقیقة إنّ المرأة ، و الوطن، و القلم، و الأدب من المحطّات الرّئیسیّة العاطفيّة الماغوطیة ، مماّ یستمدّ منها علی مدار الحیاة.
راء-حب القوم (القومية) : من المحاور العاطفيه الاخرى التي لها دور هامّ في بنية الماغوط الشعرية هو حبّ الشاعر للقوميّة العربيّة. وذلك ياتي من خلال المصائب و الشّدائد الّتي سيطرت علي جميع البلاد العربيّة و لاسيّما فلسطين و سوريا. يعبر عن هذا الامر قائلا :«مُسْتَقْبَلُ الْعِراقِ مُظْلِمٌ// مُسْتَقْبَلُ فِلِسْطِینَ مُظْلِمٌ// مُسْتَقْبَلُ الْحُريِّةِ مُظْلِمٌ // مُسْتَقْبَلُ الْوَحْدَةِ مُظْلِمٌ // مُسْتَقْبَلُ التِّحريِرِ مُظْلِمٌ //مُسْتَقْبَلُ الاقْتِصادِ مُظْلِمٌ // مُسْتَقْبَلُ الثِّقافَةِ مُظْلِمٌ ». (الماغوط؛ ۲۰۰۶م ۴۵) و في ذلک أیضا:« أَیُّهَا التّایْمزُ الْجَمِيْلُ هذِهِ لَیْسَتْ أُغْنِیَتي // أَیُّهَا الْبِحارُ الهائِجَةُ هذِهِ لَیْسَتْ سُفُني //أَیَّتُها الْجِبالُ هذِهِ لَیْسَتْ مَغاوِري//یا قَطارَ الشَّرْقِ السِّر يعِ هذِهِ لَیْسَتْ حقائبي//أَیَتُها الصَّحراءُ هذِهِ لَیْسَتْ مَضارِبي…».(المصدر نفسه؛۱۷۱).
یتّضح جلیّا انّ الشّاعر فضلا عن حبّه العمیق تجاه وطنه یتجاوز الحدّ الی انفعال قوميّ عمیق. یتغردّ بالعراق و فلسطین فیجوب بشعره آفاق البلاد العربیّه معبّرا عمّا طرأ علی هذه البلدان من ضعف ور کاکة في المجال السیاسی و الثقافی و ما الی ذلک.
۲-عاطفة الغضب: علی الرّغم من أنّ الماغوط یبدو کثیرا عاشقا حنونا یحبّ وطنه، موجّها الیه بأعطر التحیّات والتّهانی، منطلقة من صمیم القلب، لکنّه لاتفوته لحظة أن یصبّ بنار غضبه علی المستکبرین بسلاحه السخريّ المعهود. وفي الحقیقة تعتبر« السخریّة-عنده- أداة لإعلان موقف رافض وانتقاديّ بالنّسبة للأوضاع الراّهنة في جمیع المجالات السیّاسيّة والاجتماعيّة و الثّقافيّة والأدبیّة ومهاجمة هذه الأوضاع و الکشف عن أسباب تردیها وذلک عن طریق الترکیز علی الاخطاء السّلطویّة وسوء تصرّفاتها في إطار یشیر الضّحک عند المتلقّي لکنه في نفس الوقت یدعوه إلی تحسین أمور مجتمعه…».(شاکر؛ ۲۰۰۳م : ۵۱).
یعتبر شعر الماغوط نوعا عالیا من السّخریة الضّاحکة-الغاضبة الّتي تعکس حالة الإنسان العربّي الفکريّة، فهو یثیر الضحک للقارئ ویعبث بروح النّکتة إلیه من ناحیة، ثمّ یقدّم لنا الصّورة الحقیقیّة للإنسان العربّي الّذي لایفکّر إلاّفي سعر النّفط، والأکل و اکتراش المعدة، من ناحیة أخری. وإنّ حدیث الشاعر عن قضایا بسیطة في المقطع التالی ک”إشراق الشّمس من الشّرق وغروبها من الغرب” لیس إلاّ دلیلاً علی الجمود الفکريّ لدی العرب.یقول فی هذا السیاق:
:«…کَما أُحِیْطُکُمْ عِلْماً بِهذِهِ الْمُناسَبَةِ السَّعِیدَةِ: إِنَّ الشَّمْسّ تُشْرِقُ مِنَ الشَّرْقِ وَتَغْرِبُ مِنَ الْغَرْبِ//وَهُناکَ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ فِي السًنَةِ: الصَّیْفُ وَالشِّتاءُ وُالرَّبِیعُ وَالْخَریْفُ//وَ الشَّمْسُ ثابِتَةٌ وَکُلُّ الْکَواکِبِ الأُخْرَی تّدُورُ حَوْلّها//ثُمَّ:الْجِبالُ عالِیَةٌ وَ الْوِدْیانُ مُنْخَفِضّةٌ//وَالْمّطّرُ یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَإِلَیْنا عَیْنً تَنْفّجِرُ مِنَ الأَرْضِ//وَکُلُّها تَصُبُّ فِي الْبّحْرِ وَالْبَحْرُیَصُبُّ فِي الْمُحیطَاتِ//وّهُنَاکَ خَمْسُ قاراتٍ…»(الماغوط؛ ۲۰۰۶م: ۳۰۳).
حقّا یری انّ المشاکل الاجتماعیّة في الدّول العربیّة لا تاتي من ضعف الوعی الجماهیریّ فقط بل تاتی ایضا من النّظام السیاسیّ المسیطر علي هذه البلدان.فلذلك يجري مقارنة بين الجنديّ الاروبيّ و الجنديّ العربيّ باسلوب سخريّ يخالجه نوع من الغضب و الاستياء. يقول في هذا المجال:« الجُنْديُّ الأُروبُّي وَ هُوَ في خِضِمِّ الْمّعْرکَةِ وَلَوْ بِالسِّلاحِ الأًبْيّضِ//یُحاوِلُ أّنْ یَحْمِي مُؤَخِّرّتًهُ الْعَسْکَريَّةَ وَالاقتِصادیَّةَ وَالاسْتِراتیجیَّةّ//وَالْفَنِّیِّةَ وَالحَضاريَّةَ کُلَّها//بَيْنَما الْجُنْديُّ الْعَرَبيُّ مَشْغُولٌ بِمؤخِّرًتِهِ الجَسَدیَّةِ//حَیْثُ یَتَرًبَّعُ عَلَیْها» (الماغوط؛ ۲۰۰۶م :۵۴).
یبدو هنا الشّاعر ناقدا سیاسیّا بأسلوب ساخر یفرّق بين النّزعة الفکريّة للجندیّ الاروبيّ والجنديّ العربيّ؛ في أن الاروبيّ له استراتیجیّة عالیة في البعد السّیاسي، ذلک أنه ما یهمّه هو القوام السّیاسيَ ،ممّا یتعلّق بالأمور العسکريّة و الاقتصادیّة و اللاستراتیجیّة. إلاّ أنّ العربيّ لیس له نزعة سیاسیّة حتیّ يفکّر فيها. هو ینظر إلی السّیاسة نظرة تافهة، فیحطّ من قیمة السّیاسة ، من الدّفاع عن الهویّة الجمعیّة أو الانسانیّة، إلی “مؤخرته الجسديّة حيث يتربّع عليها”.
وقدیسخر من نفسه بسبب التمّرد الّذی جعله بعیدا عن المجتمع و القواعد الاجتماعیّة .عبّر عن هذا الامر فی قصیدته المعنون “الهویّة اللکترونیّة”قایلا« الإسْمُ: مُحَمَّدٌ أَوْ عیسی أَوْ مُوسی/…/ الطّولُ: حَسَبِ الْجِهِةِ ألَّتی أًقِفُ أًمامَها في تِلْکَ اللَّحْظَةِ//الْجِنْسُ: حَسَبَ فِراسَةِ الْمُخْتارِ وَأًمِینِ السِّجِلِّ الَمَدَنيِّ// الهِوایَةُ: التَّثاؤُبُ// الحالَةُ الاجتِماعِّیّةُ: مُتِزَوِّجٌ أًوْمُتِأًهِّلٌ مِنَ القَضیَّةِ// التّابِعیِّةُ: جُمْهُوریَّةُ أفْلاطونَ الشَّعْبِیَّةُ الدَّیمُقْراطِیَّةُ الْعَربَیَّةُ أوْ جُمْهُوریَّةُ فَرَحاتْ لِیوسُفْ اِدْرِیسْ //مّکانُ الإِقامَةُ: أَیُّ رَصیْفٍ أَوْ حاوِیةٍ عَلَیْهِ// السِّنُ: مُحَيَّرٌ //العُنْوانُ الإٍلٍکْتُرونيُّ : “شًرْقَ عَدْنٍ غَرْبّ اللهِ”»(الماغوط؛۲۰۰۶م : ۲۴۵-۲۴۶). واضح هنا أن الشّاعر قدأصیب بنوع من الإزدواجیّة الرؤیویّة. لقد فقد الشّاعرجمیع ما یکون في الإنسان العاديّ کالحبّ والأمل والفرح وغیرها. العنوان الإلکترونيّ هوالّذی قد نتج عن نزعة الشّاعر الحلامیّة. وبشکل عام إن اتّجاه الشّاعر العاطفيّ ینتهي إلی العدمیّه العاطفيّة، إلا أنّه لو أمعنّا قد یطبع شعره بطابع لایخلو منه بصیص أمل بالحیاة.
بنية الماغوط الفكرية
تعتبر الفکرة فی مجال الادب من المکوّنات الریئسيّة التي تجعل الادب كاملا و تامّا في جوهره و كذلكمتّسقا ومنسجما في بنائه المعنويّ. هناك للفكرة و كلّ ما ينتج من الآثار الادبيّة وغيرها في المجالات الاخری علاقة وطيدة حيث يجعلنا أن نحكم عليها بکونها منعدمة ، لما جردناها منها علي وجه التطبيق. فالفكرة و بجانب المكوناّت الادبیّة الاخري، فإنّما هي عنصر هامّ في مجال الادب حيث يجعل الأثر ذا اتّجاه معيّن في مساره التّكوينيّ. هذا من جهة لكن من جهة أخری هي أساس محوريّ قد احتلّ البناء الادبيّ و الّذي في تعامل دائم مع المكوّنات الأخری كالخيال والتّصوير والعاطفة. أمّا مفهومها من المنطلق النفسيّ« فلقد قرّر علماء النّفس أنّ الفكرة في الشیء يسبق العمل به حتما. فالعمل الاختياريّ إنّما يعمل به التّفكير فيه. فإذا نحن أردنا اعتياد عادة أو العدول عنها وجب النظرفي أساس ذلك وهوالفكر»(الخلیل؛ ۱۳۵۳ق: ۲۳).
ممّا لاشكّ فيه،أنّ العاطفة و الفکرة علی تعامل دائم في تجربة الشّاعر الشعريّة بشكل عام. فلمّا كانت العاطفة ممتازة بالإيجابيّة تميل الفكرة أيضا نحو الرقيّ و التطوّر. کما انها إذا كانت ممتازة بالسلبيّة فالفكرة تميل إليها إيضا. لايتجاوز إذن الماغوط عن هذه القاعدة أو بل نجده يتأثرّ کثیرا بالعاطفة،فضلا عن أنّ فكرته ترافقه في هذا المجال علی الدّوام.مهما یکن من امر تتكوّن بنية الماغوط الفكريّة من ثلاث نزعات هي:
أ-النزعة السياسية : فضلاعن نزعات الشاعر الشخصیّة فی حیاته ، فلسّجن تقدّر وظيفة هامّة في نزعته الأدبيّة والفكريّة معا. لقدترک السّجن في ذهنیّة الشّاعر آثار سلبيّة ملحوظة. حیث نجده یستعمل الکثیر من التّعابير السلبيّة “کالحزن”و”التّشاؤم” و”الکئابة”في أعماله الأدبيّة، حیث تکوّن هذه الأمور نزعة الشّاعر الفکریّة المتمرّدة و الرّافضة. یعبّر نفسه عن تاثیر السّجن قائلا:
«السّجن لیس بالأیام أو بالأعوام، إنّما باللّحظة. صحیح أنّنی لم أسجن طویلا، و لکنّنی حین سجنت فی المرّة الأولی رأیت الواقع علی إیقاع نعل حذاء الشرطيّ الّذي كان يضرب علي صدري….وفي الزّنزانة زارني الخوف وعرفني وأقام معي صداقة لا زالت قائمة بداخلي حتیّ اللّحظة…صار الخوف يسكنني وهرب مني الأمان «الماغوط؛ ۲۰۰۶م:۱۵).
واحد من المحاور السیاسیّة التّی یرکّز علیه الشّاعر فی تجربته الشّعریّة هوالعدالة ولاسیّما السیّاسیّة منها .تقول سنیّة صالح صاحبة الشّاعر فی هذا السّیاق: «فمأساة محمّد الماغوط أنّه ولد في غرفة مسدلة السّتائر اسمها “الشّرق الأوسط” و منذ مجموعته الأولی “حزن في ضوء القمر” و هو یحاول إیجاد بعض الکوی أو توسیع….و لا یملک من أسلحة التّغییر إلاّ الشّعر».(الماغوط؛ ۲۰۰۶م : ۱۵).
فلا تنحصرسیاسة الماغوط علی مسقط رأسه سوریا بل یتجاوز الحدّ إلی نزعة عامّة سیاسة تعمّ السّیاسة الدولیّة الّتی یرأسها اوباما ومتّفقیه. لذلک یقول مأساتنا أنّنا قدولدنا فی غرفة مسدلة السّتار”الشّرق الأوسط”ذلک أنّها کانت، من قدیم الزّمن، عرضة للهجمات الاروبیّة ومن بینها یمکن الإشارة إلی الحرب العالمیّة الأولی والثانیّة الّتی بموجبها اصبحت الدّول العربیّة خاضعة للدول الأروبیّة و لا سیّما سوریا التی تعرّضت بالإضافة منها لانقلابات وثورات داخلیّة دمّرت بنائها السّياسيّ والاجتماعيّ وغيرهما إطلاقا.
باء-النّزعة الانسانیّة: تنطلق من احتکاک الشّاعر العاطفيّ بالبیئة الانسانيّة وما یتعلّق بها من الحریّة و الکرامة والشرافة و ما إلی ذلک.کثیر- للماغوط- هی القصائد الّتي تملأ بالانسان و مکوّناته المحوریّة کالحریّة و الشّرافة و ما شاکلها بشکل خاص.في مکان هو یبحث عن جوقة شرف قد دمّر بناءها في شوارع الاجتماع والسّیاسة قائلا: «إنَنِي أَتْوَنُ مِنَ اللَّهَبِ// وَأُرِیدُ جَوقّةّ شَرَفٍ/…/حَتّی لا أُحَوِّلَها إِلی رَمادٍ…» (الماغوط؛ ۲۰۰۶م : ۲۱).
فيما یبدو أنّ الشّاعر یری أنّ المجتمع قد فقدإحساسه بالشّرف الّذي یکتمل به البناء الانساني و یجب الاحتفاظ به مع الطّبیعة الإنسانیّة. هنا یؤکّد الشّاعرأنّ المجتمع قد فقد إحساسه وشعوره بالشرف والکرامة،کما أنّه فقد قدرته علی الوقوف أمام أیّ ظلم یعرّض وجوده وشرافته للزّوال و القمع. ذلک أنّه أصبح مجرّد مستمع إلی ضوضاء و صخب الظّلم و ناظرا للخیانة والتّحرّشات الجنسیّة الّتي یرتکبها الخونة والقتلة تجاه الطّفلة و المرأة .
تاء-النزعة الاجتماعیة: یتحدّث هنا الشّاعر عمّا طرأ علی الهیکل الاجتماعيّ من ضعف جماهیريّ ووطنيّ أو ما تغلّب علی المجتمع العربيّ- من جانب الاروبیّین- من ضعف ورکاکة قدضراّ بصحّة البنیّة الاجتماعیّة. هذه النّزعة تأتي انطلاقا من الحربین العالمیّتین الاولی والثّانیة الّتین ألحقتا الدّول العربیّة أضرار فادحة لاطریق –للدول المضظهَدة- في الخلاص منها.
یقول الماغوط فی هذا السیاق:« مُسْتَقْبَلُ الْعِراقِ مُظْلِمٌ// ُمسْتَقْبَلُ فِلِسْطِینَ مُظْلِمٌ //ُمسْتَقْبَلُ الْحُريَّةِ مُظْلِمٌ//ُمسْتَقْبَلُ الْوَحْدَةِ مُظْلِمٌ//ُمسْتَقْبَلُ التَّحْرِيرِ مُظْلِمٌ //…//مُسْتَقْبَلُ الاقْتِصادِ مُظْلِمٌ //ُمسْتَقْبَلُ الثِّقافَةِ مُظْلِمٌ ». (الماغوط؛م۲۰۰۶: ۴۵).
لقدأدرک الماغوط المجتمع السّوريّ خاصّة والمجتمع العربيّ عامّة اعتقادا له بأنّ معاهدة ک”بالفور” الّتی جعلت فلسطین خاضعة للدّول الغربیّة و کذلک معاهدة”سایکس بیکو”و الّتی بموجبها أصبحت سوریا و لبنان وغیرهما خاضعة للدّول الغربیّة؛ قد جعل هذه الدّول تطبع بطابع سوداويّ في حیاتها الاجتماعیّة.
دینامیکیة البیئة الايرانيّة في توجيه شاملو الفكريّ و العاطفيّ
لایستثنی شاملو في تجربته الشّعريّة عن تاثیر البیئة أیضا. ذلک أن ایران خضعت کسوریا للدّول الاروبیّة، بعد الحرب العالمیّة الأولی. فاستولت انکلترا علی جنوب إیران وروسیا علی شمالها .زد علی ذلک أنّ “رضا شاه” کان مستولیا علی البلاد، مسیطرا علی البعد السیاسيّ والاجتماعيّ إطلاقا. فأصبحت البلاد تتعرّض لأسوا الحالات السّلبیّة في المجال السّیاسيّ والاجتماعيّ. تأتي هذه الحالات السّلبیّة من أبعاد تاریخیّة:
الف) فترة رضا خان. لقد أثّرت الحوادث الموجودة في حکومته علی الإیرانیّین عامّة من میزاتها أنّها کانت ترید إیجاد امل کاذب بین الشّعراء والأدبا. لذلک نجد شاملو یختار” الصّبح” ، و”اخوان الثالث “الامل، مستعارا ردّا علی الجّو السّیاسيّ المظلم آنذاک.
ب)عام ۱۳۲۰حتی ثورة مرداد ۱۳۳۲ش. یعتبر هذا الفترة من الفترات الرّئیسیّة في تاریخ إیران السّیاسيّ. یمتاز هذا العهد بهزیمة “جبهة ملی” والّتی اثّرت کثیرا علی البعد العاطفيّ للأدباء والشّعرا آنذاک وکانت ایضا ضربة قاضیة علی الهیکل الأدبيّ؛ إلاّ أنّ أبرز الأشعار الفارسیّة هو نتیجة هذه الهزیمة.
ج) من ثورة۱۳۳۲حتّی النّهضة الخامسة عشر لخرداد ۱۳۴۲ش. ثالث هزیمة وقعت بعد استیلاء المتفقین علی إیران هو ثورة مرداد ۱۳۳۲ من جهة ونهضة ۱۵ خرداد لعام ۱۳۴۲٫کانت هذه النهضة نتیجة السیاسيات العلمانیة للحکومة والقبض علی “الامام خمینی”.لذلک استغرق الکثیرمن الأدبا ء في العلاقات الجنسیة والمخدرات وبعضهم امثال شاملو حاول تغییر الاتجاه العام من اللآ أمل إلی الأمل وهم کانوا في قنوط من الحکومة الجابرة. (انظر: میرزایی؛۱۳۸۸ش:۶).
عاطفة شاملو الشعریة
یقول نفس الشّاعر فی موقفه من العاطفة علی شکل ضمنیّ «انّ تعبی هو حیاتي و انّما تعبنا هو حیاتنا و یکفیني شعوری الحادّ…وانّ شعری وسیلة تهدیکم الی عالم العاطفة» (حکمت؛۱۳۹۰ش، ۱۲۶). تعتبر العاطفة جزأ لا یتجزّأ من تجربة شاملو الشّعریّة و« یتفرّع عنها الحبّ، والنّفور، و الغمّ، و الفرح، و الیأس، و القنوط، و الخوف، و الشّجاعة، و الغضب، و النّزعة و ما إلی ذلک. تنتج المقتطفات العالیّة الأدبیّه من العاطفة، وتکون علی نوعین : العاطفة الفرديّة والعاطفة الجمعیّة »(فتوحی، ۱۳۸۳ش: ۱۹۵). و نظراً إلی هذا فإنّ العاطفة تعتبر في أشعار شاملو من المحاور الأساسیّة التصویريّة الّتی یقوم علیها تجربته الشّعريّة عامّة؛ ذلک أنّه نجده قد ذاق طعم العذاب في السّجن و المنفی، وشاهد وتعرّض لأسوأ حالات التّعذیب و القمع، و عاش في مجتمع ملیء بالحرمان، و الظلم، و الاضطهاد، و القمع و التغریب.ومن میزاته أنّه کان تحت نیر الاستعمار.
فعاطفة شاملو تأتي من ضمن تعامله مع مجتمعه الّذی تمیّز بالوحدة، و الغربة، و اللّآأمل بالحیاه، و السّوداويّة تجاه الواقع، حیث أنّ لها تأرجحاً و استواء. قد تمیل إلی الأمل، و الفرح، و الحبّ. لکنّه عن قلیل تتراجع إلی اللآّ أمل ، و التّشاؤم ، و السّودوایّة تجاه الحیاة. غالبا ما تنعکس هذه التّجلیّات العاطفيّة علی نحو سلبيّ في نّصه الشّعريّ وتنقسم الی محورین اساسیّین:
أ-عاطفة الحبّ: لعاطفة الحبّ عند شاملو بعدان هامّان، بعد یتعلّق بحبّه للمرأة وبعدآخر یتعلّق بالعاطفة الإنسانیّة الجمعیّة الّتی تنبعث من ظروفه الأسریّة والبیئیّة و ما إلی ذلک. قد ذاق شاملو طعم العذاب و تعرّض لأسوأ الحالات التّعذیبیّة و القمعیّة في السّجن. إلاّ أنّه کان هناک له سجن آخر و هو سجن المجتمع الّذی کان یمتاز بالمفارقة و التّناقض الطّبقيّ والفکريّ. و الّذي قد یعاني من ثقل الحکومة الجابرة. لذلک یقول:
«الَّسنَةُ السَّيِّئَةُ/سَنَةُ الرّیحِ//سَنَةُ أَیّامٍ طَویلَةٍ وَمُقاوَماتٍ ضَعیفَةٍ/سَنَةٌ تَسَوَّلَ فيهَا الْکِبْرِیاءُ//السَّنَةُ الدَّنیئَةُ/سَنَةُ الحِدادِ/سّنَةُدَمْعَةِ “بوري”/سَنَةُ دَمِ مُرتَضی/سَنَةُ الکبیسةِ..».
«سال بد// سال باد// سال روزهای دراز و استقامت های کم//سالی که غرور گدایی کرد//سال پست// سال عزا// سال اشک پوری سال خون مرتضی//سال کبیسه…». (شاملو، ۱۳۸۹ش: ۴۵۳).
«یتمثّل الحبّ فی تجربة شاملو فيّ القالب الاجتماعيّ و الحماسيّ » (اکبری؛ ۱۳۹۱ش، ۵۵).فعاطفة الشّاعر هذه تنبعث من صمیم مجتمع یتّصف عامّة بالریّح والشّک والبکاء …! وطبعا تمیل أولا إلی زوجته”آیدا”و قد جعل لها قسما مستقلاً فی شعره، رغبة في إبرازحبّه وشکره و عرفانه لها، لما بذلته من قوّة عاطفيّة دفعت الشّاعر من حبّ سطحيّ إلی حبّ عمیق إنسانيّ ممتاز بالصّداقة و الإنسانیّة.
في الحقیقة إنّ حیاة شاملو تغیّر اتجّاهها بعدأن تعرّف علی”آیدا سرکیسان”، و کذلک تغیّر مسیر عاطفته بها، من اللآّ أمل إلی الأمل، من الضّعف إلی القوّة، من الاضطرب إلی السّکینة و الهدوء. حیث أن هذا الأمر یتجلّی في أشعاره بوضوح تام، اعتباراً له بأنّها مصدر الحبّ و الشّوق إلی الحیاة. و ذکر-آنفا- أنّه تزّوج في حیاته ثلاث مراّت . و تزوّج أخیراً من آیدا و تحوّلت حیاته إطلاقا عقب ذلک. یقول فيها:
«حادَثَتْی عَیْناکِ//أَنَّ الْغَدَ//یَوْمٌ آخَرُ//تِلْک العُیُونُ الَّتی إِرْهاصٌ لِلْمَحَبَّةِ// وَهَذا حُبُّکَ الَّذي…حَرْبآلیَّةٌ//أُصارِعُ بِها قّدَرِی// کُنْتُ قَدْ ظَنَنْتُ الشَّمْسَ…!فيما وَراءاتِ الأُفُقِ/…/ قّدْ زَعَمْتُ هکَذا//کانّتْ آیدا خِتامَ إبْطالٍ لِلَّسفَرِالأَبَدیِّ…».
چشمانت با من گفتند//که فردا//روز دیگری است// آنک چشمانی که خمیر مایه ی مهر است!//و ینک مهر تو: نبردافزاری تا با تقدیر خویش پنجه در پنجه کنم// آفتاب را در فراسوهای افق پنداشته بودم. چنین انگار بودم// آیدا فسخ عزیمت جاودانه بود…!(المصدرنفسه:۴۵۳).
یتّضح أنّ الشّاعر قد ورد في زمان آخر بتعامله العاطفيّ مع زوجته. لذلک یقول أنّ عینیک تعّبران عن یوم وغد جدید مفعم بالحبّ والشّفّافيّة. فهي عنده الخطّ الفاصل بین الأمل و الیأس، و الفرح و الحزن و ما إلی ذلک. علی أیّة حال فإنّ شاملو ینظر إلی المرأة عموماً نظرة من یقّر بحسّها المرهف الّذی یوجّه المسیر النّفسيّ للإنسان نحو الإیجاب.
أمّا البعد الآخر لعاطفة الحبّ عند شاملو هو الحبّ الإنسانيّ المنطلق من حبّه للمرأة. هذا الحبّ یدفعه إلی التّفوّه بالوحدة الإنسانیّة لا الاتحّاد الإنسانيّ. تتّجلی هذه النّزعة حینما یقول:« أَناوَأَنْتِ واحِدُشَوْقٍ//أَفْضَلُ مِنْ کُلِّ شُعْلَةٍ//حَیْثُ لا تَسْتَوْلی عَلَیْنا الْهَزیمَةُ أبدا/ذلِکَ أَنَّنا في حِصْنٍ مِنَ الْحُبِّ//و ..قَدْعَشَّشَ السُّنُونو..في مُخَیَّمِنا//یَمْلَأُ//الْبَیْتُ// بِإیا- ذِهابٍ مُسْرِعٍ //مِنْ اِلهٍ مَفْقُودٍ…».
من وتویکی شوریم//ازهرشعله ای برتر//که هیچ گاه شکست را بر ما چیرگی نیست//چرا که از عشق رویین تنیم//وپرستویی که درسرپناه ما آشیان کرده است//با آمد- شدنی شتاب ناک//خانه را ازخدایی گم شده//لبریز می کند…! (المصدرنفسه: ۴۵۹).
هنا یطلب من النّاس عامّة أن یجتمعوا في ظلّ خیط واحد و هو الوحدة لا الاتّحاد. و بها یرید أن یثبت لهم أنّ العدوّ یستحیل به أمرهم إطلاقا. ذلک أنّه اعتبر نفسه و المقابل شوقاً أفضل من شعلة نار، لاتنطفي أبدا. والحبّ الجمعيّ عنده هو الجنّه الحصینة الّتی لایمکن للعدوّ أن یکسّرها أبداً. في الحقیقة إنّ شاملو قد جعل أبواب مستقلّة شعریّة للمرأة خاصّة و للانسان عامّة، تعبّر فيها عن حبّه الرّفيع العالي علی جهة الاستحقاق.ومقابل البعد الایجابيّ لعاطفة الشاعر هناک البعد السلبیّ وذلک:
باء-عاطفة اللآ أمل:واحد من من میزات شاملو الشّعریةّ «هو نزعته الثّنائيّة العاطفيّة. فبتاثّره من السريالية والمستقبليّة يكسب أشعاره المفردات الصّلبة و اللّيّنة و الموت و الحياة و المحبّة و النّفور معا…» (انظر:براهنی، ۱۳۸۴ش،۵۸). ففی تجربته نجد یتعامل القنوط و اللآّ أمل- من المنطلق النّفسي- باعتبارهما من العواطف السّلبیّة، مع العواطف الإیجابیّة کالفرح والبهجة والسرور، والبساطة. وفی أحیان کثیرة تتغلّب العاطفة السّلبیّة علی العاطفة الایجابیّة فی تجربة الشاعر. فیاتي الکلام ممتازا بالتّعقید و التّناقض النّفسيّ . إذن عاطفة شاملوهی نتیجة احتکاک العواطف السّلبیّة بالعواطف الإیجابیّة.
لودققّنا قلیلاً إلی قصائد الشّاعر لاتّضح لنا أن عصارة احتکاک العواطف عند الشّاعر تتّسم بالسّلبیّة، و هی اللآأمل، و التّشاؤم، و الحزن. حیث نجده ینزع في کثیر من قصائده إلی اللآّ أمل، و الیأس، و القنوط وغیرها.یقول في هذه المناسبة :
«حالِیاًّ تَحْتَ نَجْمٍ بّعیدٍ// أّنَّ دَجاجَةً الظُّلْمَةِ//هِيّ الَّتي تَلْحَنُ//فَوْقَ سَطْحٍ عَظِیمٍ…// وَالرُّجُولَةُ وَ الإِنْسَانِیَّةُ یَزِنُونَهُما کَالرُّطَبِ…وَالعَدَسِ …// و کَلِمَةِ الإِنْسانِ// طُلُوعُ إِحتِضارِالرُّعْبِ/ فِکْرَتَهُ کابُوسٌ یَجْتازُ حُلمَ … الْمَجانِین … ».
اکنون که زیر ستارۀی دور// بر بام بلند//مرغ تاریکی است// که می خواند// و مردی و مردانگی را// همچون خرما و عدس به ترازو می سنجد// و کلمه ی انسان// طلوع احضار وحشت است// و اندیشه ی آن// کابوسی که به رؤیای مجانین می گذرد …!(شاملو،۱۳۸۹ ش: ۵۰۷-۵۰۸)
یدلّ التّصویر هنا علی أنّ الشّاعر قد وقع في ظلمة کبیرة في حیاته. و هذا الأمر لیس إلاّ ناتجا عن احتکاکه العاطفيّ بمجتمع یزن الرّجولة و الإنسانیّة بشیء ضیئل من جهة و کیفیّة تعامل الشاعر العاطفيّ معه و وضعیتّه النّفسیّة من جهة اخری.
یعبّر بکلامه عن قنوطه من الحیاة فی مکان اخر مصرّحا:«صُراخٌ وَلاشَئَ//ذلِکَ أَنَّ الأًمَلَ لَیْسَ قادِراً(إلی حیث) أَنْ یَضَعَ رِجْلَهُ عَلی رَأْسِ الیَأْسِ//نّحْنُ عَلی بِساطِ الأَعْشابِ نائِمونَ // قَدْ تَواصَلْنا مَعَ الحُبِّ عَلی بِساطِ الأّعْشابِ// بِتَیَقُّنِ الحّجّرِ//وَمَعَ أَمَلٍ دونَما هَزیمةٍ//مِنْ بِساطِ الأّعْشابِ //قَدْ قُمْنا بِحُبٍ، بِتَیَقُّنِ الحّجّرِ //لکِنَّ الْیّأْسَ استَطاعَ حَیْثُ..//أَنَّ الْفِراشاتِ وَالْحَجَرِلّیْسَتْ إلاهَمْساً//صُراخاً//وّلاشّیْءَ بَعْدُ…»
فریادی و دیگر هیچ// چرا که امید آن چنان توانا نیست//که پا بر سر یأس بتواند نهاد// بر بستر سبزه ها خفته ایم//با یقین سنگ//بر بستر سبزه ها با عشق پیوند نهاده ایم//و با امیدی بی شکست//از بستر سبزه ها/با عشقی به یقین سنگ برخاسته ایم/ اما یأس آن چنان تواناست…/که بسترهاو سنگ زمزمه ای بیش نیست/ فریادی/ودیگر/هیچ…!(شاملو؛۱۳۸۹ش،۳۵۷).
تاء-عاطفة التّشاؤم:تمتاز ذهنیّة شاملو بالتّعقید و الّتناقض.و رّبما لو نظرنا نظرة قلیلة إلی بنائه الشّعريّ نصل إلي حقيقته العاطفيّة. لقد احتلّت عاطفة التّشاؤم محلاّ واسعا في نتاجه الادبيّ. و هناك دوافع خارجيّة وباطنيّة لهذه النّزعة النّفسيّة.لکن لايسمح لنا المقام أن نستكشفها فی هذا القلیل. فمن أجمل ما یقول الشاعر في میله إلی العاطفة السلبیة هو:
«تَجَاوَزَعُمْری عَنِ الثَّلاثِینَ وَ أَنا أَرْکَضُ مُهَرْوِلاً// مِنَ الْمُنْحَدَرِ إِلی جِهَةِ الْعَدَمِ// أُشاهِدُهُ أَمامِی ضُبَاِبیَّاً// أَحْضانُهُ مَفْتُوحَةٌ وَروحُهُ مُضْطَرِبَةٌ/ الرُّوحُ تَرْتَعِشُ مِنْ وِصالِي// أَنا ماءٌ وَ هوَ یَتَحَرَّقُ عَطَشاً// قَدْ فَتَحَ الْجِسْمَ بِأَسْرِهِ کَالْفَمِ// لِیَبْتَلِعَنِي کَذلِکَ مِنَ السَّماءِ…».
سالم ازسی رفت وغلتک سان دوم//ازسراشیبی کنون سوی عدم//پیش رو می بینم اش مرموزو تار//بازوان اش بازوجان اش بی قرار//جان زشوق وصل من می لرزدش//آب ام و او می گدازد از عطش//جمله تن را باز کرده چون دهان//تا فروگیردمرا،هم زآسمان…»(شاملو،۱۳۸۹ش: ۱۰۳)
فإنّ الدّلالة الأصلیّة و المحوریّة الّتی هنا تشیر إلی نظرة الشّاعر السّوداويّة تجاه الواقع هی “تجاوز عمری من الثّلاثین”؛ ذلک أنّه هو في عمق الحیاه لکنه یشعر باللّآأمل و القنوط و السأم. یتّسم مسیره العاطفيّ هنا بخلوّها عن الفکرة بتاتا.لکنّ المحطّة الأخیرة من عاطفة الشّاعر تأتي من خلال امتزاج العاطفة بالفکرة وسیطرتها أخیراً. فيصیر کلامه یتألّف من عاطفة بحتة. و قد یری فی الحیاة بصیص أمل یتلألأ من أمد بعید. و ذلک حینما یقول: «یوماً أَقَلُّ أُنْشُودَةٍ هوَ الْقُبْلَةُ//وَکُلُّ انسانٍ؟لِکُلِّ انسانٍ//أّخٌ// یَوْماً لا یُغْلِقونَ أَبْوابَهُمْ بَعْدُ/…/ القُفْلُ//أُسْطورةٌ// وَالْقَلْبُ/ یَکْفِي لِلْحَیاةِ/ یَوْماً مَعْنی کُلِّ کَلامٍ هُو َالْحُبُّ// یَوْماً لَحْنُ کُلِّ کَلامٍ حَیاةٌ /…/یَوْماً کُلُّ شَفَةٍ أُغْنِیَةٌ/ …/ یَوْماً تَأْتِي أّنْتَ لِلْأَبَدِ// یَوْماً نُقَدِّمُ إِلی عَصافِيرِنا الْحَبَّةَ..».
روزی که کمترین سرود// بوسه است// و هر انسان// برای هر انسان// برادری است// روزی که دیگر درهای خانه شان را نمی بندند// قفل// افسانه ای است// وقلب//برای زندگی بس است// روزی که معنای هر سخن دوست داشتن است/../ روزی که آهنگ هر حرف زندگی است /…/ روزی که هر لب ترانه است/…/ روزی که تو بیایی؛ برای همیشه بیایی/ …../ روزی که ما دوباره برای کبوترهای مان دانه بریزیم…!(شاملو؛۱۳۸۹ش،۲۰۷-۲۰۸).
هذا هومدینة الشّاعر الفاضلة الّتی یبحث فیها عن بصیص امل بالحیاة و یمکن نحکم بالجزم علی الشّعراء جميعا علي انّهم يلوذون الي هذه الرّكيزة خلاصا من القضايا الاجتماعيّة و السّياسيّة الصّعبة.
بنیة شاملوالفکریة
یتأرجح أدب شاملو بین العاطفة و الفکرة. فیمیل أحیانا إلی العاطفة و أحیانا أخری إلی الفکرة. لذلك نجد شعره قديطبع بطابع عاطفيّ بنوعيه الايجابيّ والسّلبيّ و أحيانا أخری يطبع بطابع فكريّ يجوب آفاق السّياسّة والفلسفة وماإلی ذلک. تنقسم الفکرة عند الشاعر فی نزعات أهمها:
أ-النّزعة الفلسفيّة: قد تاثّر شاملو في نزعته الفلسفيّة إلی حدّ بعيد باتجاه ماركس، و فوئر باخ، و لاسیما سارتر الوجوديّ. یقول سارتر: «لیس الإنسان موجوداً؛إذا کان بعیداً عن الغیریّة» (احمدی، ۱۳۸۴ش: ص۹۰). یضع نفسه هذا الأمر في کتابه”الوجودیّة و أصالة البشر”قائلاً:«نحن نُدرک وجودنا بتعاملنا مع الآخرین. یتوقّف إذن وجودنا بعضها علی البعض. علی هذا الأساس هناک نوع من الشرطیّة المتقابلة بین بعدنا الوجوديّ؛ حیث أنّ الأوّل شرط الثانيّ والثانيّ شرط الوجود الثّالث و بالعکس کذلک» (سارتر،۱۳۴۴ش: ۴۵-۵۵). هذا یعني بشکل عام انّ الانسان لایعني الاّ بحضوره فی المجتمع و انضمامه الیه. فالانسان بانقطاعه عن المجتمع لیس له اصالة. ذلک انّه خلق الانسان اجتماعیّا فی حدّ ذاته. و بطبیعته یمیل الی المجتمع و یبحث عن حاجاته فیه.
یقول في هذه المناسبة:«إِذا تَسْتَمِعُ إِلی کَلامِي//أَقُولُ//کُّلُّ شَخْصٍ قَطْرَةٌ صَغِیرَةٌ في هَذَا النَّهْرِ الْعَظِیمِ//لامَعْنی لَهُ في الْوَحْدَةِ ، وَلاقِیْمَةٌ…».
اگر از من شنوایی داری// می گویم//هر کسی قطرۀخردی است در این رود عظیم// که به تنهایی بی معنی و بی خاصیت است…!(شاملو،۱۳۸۹ش: ۸۵۹)
یتّضح هنا أنّ الشّاعر یحتذي في منهجه الفکريّ حذوة “سارتر”و هو یعتبر الاجتماع اساساً لتکون الأنا والذات.بناءً علی هذا المنهج الفکريّ فإنّ الطّبیعة بکلّ ما فيها من جمادات و سوائل و حیوانات تشکّل بناءً واحداً لا یمکن تجزّؤه أبداَ.
یقول مارکس فيما یتعلّق بعرضیّة الله وجوهریّة المفهوم الإنسان مؤکّداً: «أن الدّین انعکاس أوتجلّ من الأخطاء الفکريّة في المجتمع الإنسانيّ. عندما تعجز الحیاة السّیاسيّة و الاقتصاديّة عن إغناء الإنسان في حیاته یوجد الإنسان العالم الوحی للدیّانة، بما فيها من الحلم العابث. حتّی إنّ الدّیانة تصبح تریاقاً(إفيوناً) یستعمله الإنسان…»(الراکشی،د.ت: ۲۴۴).
و في الحقیقة یرادف التدیّن با”لفقدان الذاتيّ”عند بعض المعاصرین. یتّضح ممّا سبق أنّ مارکس یرفض العالم الماورائيّ تبریراً له بدوافع ذاتیّة نفسیّة ولها دور محوريّ في توجیه الإنسان الاعتقاديّ. یقول کذلک شاملو في هذه المناسبة : « مُحیْطٌ ذاکَ//طَیَرانٌ وَ دَوّامَةٌ وَ مَوْجَةٌ//جَبَلٌ هذا//دونَ أَنْ یَدْرِیَ// جُزَئْیَةٌ دونَ ..کِبْریاءِ//لِیُسَبِّحَکَ بِذّْلٍّ// وَ یّرْتّعِشُ مِنْ جّبْرِکَ وَ مِنْ سَطْوَتِکَ//وَ یَسْتَعْصِمُکَ غَریْباً في ذاتِهِ//لِکَیْ تَکونَ أَنْتَ//الْکُلَّ… ».
اقیانوس است آن /…/ پرواز و گردابه و خیراب// کوه است این// بی آنکه بداند// ذره ای بی شکوهی// تا تو را به خواری تسبیح گوید// از وحشت قهرت برخود بلرزد// بیگانه از خود چنگ در تو زند/ تا تو / کل باشی…!(شاملو،۱۳۸۹ش:۱۰۲۸).
فی الحقیقة تتالّف بنیة شاملو الفلسفیّة من میله المبالغ فی الفلسفة الغربیّة ولاسیّما نزعة سارتر الوجودیّة. و من مکونّاتها اصالة الانسان علی الوجود الماورائيّ. و في الحالة هذه هو الذّي يتحكّم علي الطّبيعة و مسيطر عليها اطلاقا. على هذا نجده في بعض الاحيان يجعل للانسان مكانة متعالية و مرموقة في بناء شعريّ بشكل عام.
باء-النّزعة السّیاسیّة: بدأ شاملو نشاطاته السّیاسیّة عام ۱۳۲۱ عندما کان تلميذاً في المرحلة الإعدادیّة. ألقی في السّجن بعد ذلک بقلیل علی أیدي المتّفقین ، فترک الدّراسة مائلاً إلی السّیاسّة. و أخذ یعمل في الصّحافة عام ۱۳۲۴ في مجّلات متعدّدة منها مثلا الأدبيّ و السّیاسيّ و الأدب العام “فولکلور”. (اختیاری؛۱۳۸۱ش،۱۹).
وعلی ضوء الاتجَاه السّياسيّ نجد الشّاعر یعتمد علی الطّبیعة فی الکشف عن القضایا السّیاسیّة.فالطّبیعة عنده رمز واستعارة بکلّ ما فيها من عناصر، للاستعمار، و الواقع المأساويّ، و الظّلم، و الفقر، و الفساد، و ما إلی ذلک. فا”للّیل” رمز للطبقة الجابرة، و”البحر”للأمّة ، و”الشّتاء” للظّروف المأساويّة الّتي يعيشها المجتمع و هكذا دواليك. یقول:کمایقول: «الّْلَّیْلُ قَدْتَرَنَّمَ//دامِی النَّحْرِ//مِنْ أَمَدٍ بَعِیدٍ//البَحْرُ//قَدْتَهَدَأَ غَیْرَآبِهٍ//غُصْنٌ//في سَوادِ الْغابّةِ//إِلی النّورِ//یَصِیحُ…».
شب//با گلوی خونین//خوانده ست دیرگاه//دریا//نشسته سرد//یک شاخه //در سیاهی جنگل// به سوی نور//فریاد می کشد…!فيبدو جلیا أنّ الشّاعر قد استطاع جیّداً أن یخلق جوّا عاطفيّا عالیاً، بالاعتماد علی آلیّات تصویريّة کالاستعاره و الرّمز. و لکن هذه الآلیّات لم تسخدم جمالیاً إطلاقا. بل و فيها نوع من الوظیفة السّیاسيّة الّتی هی المراد عند الشاعر. فالمقطع في معناه القاموسيّ یدلّ علی فضاء طبیعيّ میّت، ذلک أنّ اللّیل نحره دام والبحر قدتهدّأ. و الغابة قد جنّ علیها اللّیل لکن إذا اعتمدنا علی البعد الاستعاريّ منه یتبیّن أنّ الشّاعر یرید من المقطع وظیفة سیاسیّة.”فالّلیل” استعارة عن الحکومة الجابرة قدعرّضت النّاس لسوء المعاملة من أمد بعید. و”البحر” استعارة عن الناس الذین ناموا عن الظّروف القاسیة ، غیر آبهین بها إطلاقا.”الغصن” استعارة من الشّاعر الّذی أخذ بیدیه شمع القلم بحثاً عن الطّریق إلی الأمل (أنظر: پورنامداریان،۱۳۸۱: ۲۴۷-۲۴۸).
تاء-النزعة الواقعیة: تتجلّی الفکرة هذه عند الشّاعر في ما طرأ علی المجتمع من تغیّرات وتبدّلات سیاسیّة واجتماعیّة صعبة أو بل ما یتعلّق بالإنسان إطلاقا؛ من الحريّة، و الکرامة، و الشّرافة، و الکبرياء. یبدو الشّاعر في أشعار عامّة ناقداً سیاسیّاً و اجتماعیّاً، یميل في فکرته إلی الواقع في المجتمع، معبّرا عنه بتعبير من اصطدم بالسّیاق الاجتماعي و السّیاسي. تتمحور واقعیّة شاملو حول “الإنسان”و هو یقول: «… وکَسُرْعَةِ تَفْجِیرِ الدَّ مِ في النَّبْضِ// یَتَقَدَّمُ//وَیَتَمَشِّی عَلی التّارِيخِ. . . //وَعَلی إِیرانَ واْلإِغْريقِ… //الإنْسانُ الإنْسانُ …//الإنْسانُ الإنْسانُ… الإنْسانُ//في شَرایِینِ التّارِيخِ…//الإنْسانُ الإنْسانُ الإنْسانُ الإنْسانُ… الإنْسانُ».
و به سرعت انفجارخون درنبض// گام بر مي دارد//وراه مي رود برتاريخ //بر ایران ویونان…//انسان انسان انسان انسان…انسان// دررگ تاريخ…//انسان انسان انسان انسان… انسان.(شاملو؛ ۱۳۸۹ش،۶۳). في الواقع تمتاز تجربة شاملو لواقعیّة الشعريّة بالکشف عن الإنسان ومقومّاته کالحريّة والکبرياء بموقف موضوعيّ- انتقاديّ لا يشوبه غرض شخصيّ بتاتا.
مقارنة الشّاعرین عاطفیّا:
لوأمعنّا النّظر فی تجربة الشّاعرین الشّعریة لاتّضح لناأنّه تمتاز عاطفتهما بالجيشان أمام كل ما تواجهه في المجتمع من ضعف فكري في البناء الجماعيّ أوالسّياسيّ. علی هذا فإنّ العاطفة قدجعلت أدبهما عامّة وشعرهما خاصّة، يمتاز بجودة السّبك ورقّة المعني. لكن مقابل هذا الاتفاق هناك نوع من الخلاف المحوريّ في اتجّاههما العاطفيّ؛ فی أن الماغوط تنبعث عاطفته من الأسرة فتنجذب فی المجتمع وأخیرا تنزع نزعة انعدامیّة.فبذلک یری الشاعرجو الحیاة قاتما مظلما. یقول فی هذا السیاق:
«الإِسْمُ: مُحَمَّدٌ أَوْعِیسی أَوْمُوسی/…/ الطُّولُ: حَسَبَ الْجِهَةِ ألَّتِی أَقِفُ أَمامَها فِي… تِلْکَ اللَّحْظَةِ// الْجِنْسُ: حَسَبَ فَراسَةِ الْمُخْتارِ وَأَمِینِ السِّجِلِّ الْمَدَنِي// الهَوایَةَ: التَثاؤُبُ// الْحالَةُ الاجْتِماعِيةُ: مُتَزَوَّجً أَوْمُتَأَهِّلٌ مِنَ القَضِیَّةِ// التابِعِیّةِ: جُمْهُورِیُّةُ أَفْلاطونَ الشَّعْبِیَّةِ الدَیمُقْراطِیَّةِ العَرَبِیَّةِ أَوْ جُمْهُورِیَّةِ فَرَحاتٍ لَیُوسُفْ إِدْریسْ //مَکانُ الإِقامَةِ: أَیُّ رَصِیفٍ أَوْ حاوِیَةٍ عَلَیْهِ// السِّنُ: مُحَیَّرٌ //الْعُنْوانْ الإِلِکْتُرُونِي: “شَرْقَ عَدْنٍ غَرْبَ اللهِ”» (الماغوط؛ ۲۰۰۶م: ۲۴۵- ۲۴۶).
واضح هنا أن الشّاعر قد أصیب بنوع من الإزدواجیّة الرّؤیویّة. لقد فقد الشّاعر جمیع ما یکون في الإنسان العاديّ کالحبّ والأمل والفرح وغیرها. العنوان الإلکترونيّ هو الّذی قد نتج عن نزعة الشّاعر الحلامیّة. و بشکل عام إن اتّجاه الشّاعر العاطفيّ ینتهي إلی العدمیّة العاطفيّة، إلاّ أنّه لو أمعنّا قد یطبع شعره بطابع لایخلو منه بصیص أمل بالحیاة.
لکنّ العاطفة فی تجربة شاملو و علی امتیازها بنزعة سوداویّة فی معظم الاحیان تمتاز بنوع من الاعتدال بالقیاس الی الماغوط. فهو یری الافق جمیلا و لاینتهی من اللأمل إلی السّودایة المطلقة الّتی وجدناها فی تجربة الماغوط. یقول فی هذا السیاق: «// یَوْماً ما أَقَلُّ أُنْشُودَةٍ// هُوَالقُبْلَةُ// وَ کُلَّ انْسانٍ// لِکُلِّ انْسانٍ// أَخٌ …//یَوْماً ما مَعْنّی کُلِّ حَرْفٍ هُوَ الْحُبُّ// یَوْماً کُلُّ شَفَةٍ اغنیةٌ//یَوْما تَاتي انت//تَاتی للأبد//
//روزی که کمترین سرود// بوسه است// و هر انسان// برای هر انسان// برادری است/…/ روزی که معنای هر سخن دوست داشتن است /…/ روزی که هر لب ترانه است/…/ روزی که تو بیایی؛ برای همیشه بیایی..!(شاملو؛ ۱۳۸۹ش: ۲۰۷-۲۰۸).
صحیح، انّ القوّة العاطفیّة بین الشّاعرین تاتی من ارضیّة سیاسیّة-اجتماعیّة مشترکة، و هی تتجلیّ فی انّهما من شعراء الشّرق من جهة و من الشَعراء الذَين يميلون ميلا يساريّا في البعد السّياسيّ من جهة اخري، الاّ انّه هناک فارق بعید بین نزعتهما العاطفیّة؛ في انّ الماغوط یتاثّر بعده العاطفیّ من النّقص البیئيِ والاسريّ من جانب و نزعة الشّاعر التمرديّة من جانب اخر.فهذا النّواقص تنتهي بالشّاعر الي ان يجتاز سلالم العاطفة السّلبيّة و من ثّم العاطفة السلبيّة المطلقة الّتي نلاحظه في قصيىدته المعنون “الهويّة اللالكترونيّة”.
الفارق ياتي من انّ شاملو و علي الرّغم من وجود مشاكل أسريّة و اجتماعيّة و سياسيّة لكنّها لم تحل دون اهتمامه بقضايا حياته. فنجده، فی مواجهته للعواطف السّلبيّة يحاول طريق خلاص من العوائق النفسيّة النّاتجة عن المجتمع و ظروفه الشخصيّة. فيري انّ يوما ياتي و تنحلّ المشاكل و الازمات الاجتماعيّة و الاخلاقيّة و ما اليها.
مقارنة الشّاعرین فکریّا
فی هذا المجال نجد الشّاعرین متّفقین فی بعض النّزعات الفکریّة لاسیّما أنّهما قدجرّبا السّجن فی جوّ اجتماعیّ وسیاسیّ قاتم. فنجدهما یمیلان إلی نزعة سیاسیّة أو اجتماعیّة أو أخلاقیّة و ما إلی ذلک .فیما یتعلّق بالماغوط یمکن القول بأنه – علی الرّغم من استخدامه الکثیر للشخصیّات العلمیّة الکبیرة- یتمرّد علی البناء الفكريّ معتمدا علی قاعدة فکریّة شخصیّة لا تتجاوز عنه نفسه بتاتا. و صحیح أنّ هذا التمرّد یرید من خلاله إعادة البناء، لكنّه لايتّصل ببناء فكريّ تتترتّب علیه جذور وأبعاد فکریّه معینّه. بل هو علی نوع من العصبیّة بالنّسبة لهذا الموضوع وتطبع فکرته بطابع رفضیّ.من کلامه فی هذا السّیاق:
« ما ذا جَنَی الشِّکِسْبِیرُ مِنْ مَسْرَحِیّاتِهِ// وَغُوتَه مِنْ سُلْطانِهِ// وَشابْلُنْ مِنْ سُخْرِیَّتهِ// وَنِیتْشَةُ مِنْ فَلْسَفَتِهِ..وَمارِی أَنْطُوانِتْ مِنْ عُشّاقِها //غَیْرَالسَّلِّ وَ الصَّرْ عِ وَالْجُنُونِ وَالضِّیاعِ…» (الماغوط، ۲۰۰۶م: ۱۰۴).فالفکرة عنده الماغوط تمتاز بنوع من الفوضی وا للانسجام فی بنائها الوجودي .هو يميل بطبيعة الامر الي هدم كل بناء فكريّ قد تكوّن في التاريخ فيدمّر بناء نيتشه الفلسفيّ تدميرا .
وكما انّه ينظر الي المجتمع و ما فيه من بعد اخلاقيّ و ثقافيّ وفرديّ بطابع سلبيّ، فهو ینظر الی نفسه هو ایضا بطابع سلبیّ و هذا یتجلّی بامتياز فی قصیدته المعنون”الهويّة اللاكترونيّة”. فعلی الرّغم من انّه یسعی ان یظهر فی أشعاره معلما حنونا للمجتمع، لکنّه لایغفل فی تصویره للبناء الاجتماعيّ.فيحدّثنا عن الاوضاع السيّاسيّة وا لاقتصاديّة و الاخلاقيّة السيئّة الّتي سيطرت علي البلىدان العربيّة نتيجة سياسة الغرب القمعيّة.
ربّما لوأمعنّا النّظر إلي تجربة الشّاعرين الشعريّة نجد نوعا من الاشتراك في مسارهما الفكريّ؛ لکن هذا لا یعنی انهّما فی اتّفاق مطلق بالنّسبة الی بعدهما الفکریّ. و صحیح انّ کلیهما یبدو فی أشعارهما کالنّاقد الّذی یکشف لنا عن حقیقه البناء الاجتماعيّ و السياسيّ و الاقتصاديّ ، لکنّه هناک مفارقة كبيرة بينهما في اتّجاههما الفكريّ الفرديّ. فاتّجاه الماغوط الفكريّ الغالب كان في ميله الي السّياسة وما فيها من الاليّات كالعدالة و الدّيموقراطيّة والنّزعة الاخلاقيَة في البناء السياسيَ. لكن شاملو في اتَجاهه الفكريَ – وفضلا عن عنايته بالقضاياالاجتماعيّة و السّياسيّة و الثّقافيّة –كان مائلا الي نزعة فلسفيّة مستقاة من الفلسفة الاروبيّة كنزعة ماركس الماديّة وسارتر الوجوديّة و ما الي ذلك.
يقول سارتر:«[الإنْسانُ]الْمَوْجودُ في ذاتِهِ» (رجب محمود؛۱۹۶۷م،۲۲). و یقول “مارکس” أیضا:«إنَّ الأُلُوهِیَّةَ مِنْ الْأَعْراضِ الإنْسانِیِّةِ الذاتيَّةِ، أیْ اللهُ مَخْلوقُ الإِنْسانِ»(اسلامي؛۱۳۸۷ش،۲۳۵).
و في هذا السیاق یقول شاملو: «ثُمَّ حَوَّلَ {الإَنْسانَ}//صُورَةَ التُّرابِ//وَ جَعَلَ النَّهْرَ وَ الْبَحْرَ بِخِتامِهِ مَوْسُومَیْنِ باِلرِّقَّةِ//وَ بِأَیَّةِ صُورَةٍ//تُصارعُ مَعَ قَلْبِ التُّرابِ ظافِراً//وَخَلَقَ الأَرْضَ بِایْدیهِ تمَاماً//وَ اللهُ کَذلِکَ بِأَیْدِیهِ//مَعَ التُّرابِ، وَ الْخَشَبِ وَ الْجَلْمودِ//وَبَدَأَتِ الکارِثَةُ//وَ فَوَّضَ اللهُ بِفِکْرَتِهِ [وَهُوَ مَخلْوقُ أَیْدِیه السّاحِرةِ…] بِنَفْسِهِ وَ …!
پس -انسان- صورت خاک را// بگردانید//و رود و دریا را به مهر خویش داغ بر نهاد به غلامی// و به هرجای، با نهاد خاک پنجه در پنجه کرد به ظفر//وزمین را یکسره باز آفرید به دستان//وخدای را //هم به دستان//با خاک وچوب و به فرسنگ//وتباهی آغاز یافت// پس خدای را که آفریده دستان معجزه گراو بود با اندیشه ی خویش وانهاد // ……!(شاملو؛ ۱۳۸۹: ۳۰).
الاستنتاج
علی ضوء ما سبق من الحدیث عن الشّاعرین وإبداعهما الادبی و کذلک نظرا لما وصلنا اليه في هذه الدّراسة، من الممكن تلخيص النّتيجة ضمن محورین اساسیّین:
أ-البعد النظريّ: یعتبر الادب المقارن من الآلیّات الهامّة المعاصرة التّی لعبت دورا هاما فی دراسة النّصوص الادبیّة. من هذه الزّوایة یمکن ان نتناول انتاج الشّعراء الادبي بالدّراسة وصولا الي بعد فكريّ-عاطفيّ معيّن.كما انّه يمكن ايضا ان نتوصّل به الي وجوه الاشتراك و الافتراق بين الشّعراء و الادباء على ممرّ العصور. لقد اثّر الادب المقارن بحضوره في الحقل الادبيّ على توجيه النّقد ايضا. و ذلك ياتي من خلال إلقاء الضّوء على الادب العالميّ. فهذا الامر يجعلنا نحكم بالجزم على انّه هناك ذهنيّة مشتركة تنطلق منها الآثار الادبيّة. مقارنة كل اثر ادبيّ تشعرنا بانّه هناك نوع من الافتراق و الاشتراك بين هذه الاثار و لابد لها ان تخضع للنّقد الادبيّ.
باء–البعد التطبیقیّ: یعتبر محمّد الماغوط و احمد شاملو من رواّد قصیدة النّثر و قد کان لهما دور بارز فی توجیه المسار الادبیّ. بما انّهما قد عاشا فی عصر اشتبکت المعاهدات السّیاسیّة ک”بالفور”و “سایکس بیکو”فیعتبر انتاجهما الادبیّ احتجاج ضدّ القواعد السّیاسیّة الّتی فرضت لبلادهما.و بموجب هذه النّعرات السّیاسیّة نجد الشّاعرین – وعلی الرّغم من نزعتهما الیساریّة فی السّیاسة- یظهران کشاعر- معلّم یرید تربیة أبناء شعبه و توجيه السّياسة نحو المطلوب من خلال انتاجه الادبيَ.كما انّهما قد يظهران ناقدين يعبران بالفضاء السّياسيّ عن مجهر نقدهما، محاولین الكشف عن قناع الحقيقة السياسية و الاجتماعية ، بنقد واقعي- بنّاء.
وعلي الرغم من اتفاق الشاعرين الاتجاهي لكنه هناك بون شاسع في جوهرهما الفكري و العاطفي؛ فی انّ الماغوط یتمرّد علی القوالب الفکریّة و العاطفیّة إطلاقا. لذلک ینتهی إلی أزمة الهویة فی ذروة نصه الشعری. حیث تمتاز طبیعته بالرّفض و الفوضی و التّمرد علی الاطلاق. الاّ انّ شاملو له سیاق فکريّ-عاطفيّ معیّن و اذا لم یکن قادارا تماما علی الخلاص من جوّه العاطفيّ المأساويّ، لکنّه لا یتجاوز قواعد الفکرة و العاطفة بتاتا. فیحاول استیعاب الحقیقة عن طریق الرّفض و القبول.
وعلي جدليّة العاطفة و الفكرة يمكن القول بانّهما نتيجة جدليّة سياسيّة-اجتماعيّة تحمّلتهما بلاد الشّاعرين في وضعيّتها السّياسيّة. فنزعة الشّاعرين الي العواطف السّلبيّة كال”غضب” و “اللاّمل”…ما هي الّانتيجة الوضعيّة الاجتماعيّة الّتي يعيشها الشّاعران. الخلاصة هي انّ العاطفة و الفكرة و عناصر الادب الاخري لها صراع دائم بالبيئة الّتي يعيشها الشّاعر و لايتخلّى عنه الشّاعران الكبيران أمثال الماغوط و شاملو في بناء نصّهما الشّعريّ وقوتّهما الابدائيّة.
الکتب و المراجع العربیة
۱-شاکر، عبد الحمید، الفکاهة و الضّحک رؤية جديدة، الکویت، (سلسلة عالم المعرفة)مطابع السیاسة، ۲۰۰۳م.
۲-کشیشان، الکساندر، تاریخ سوریا الطّبیعی الاقتصادی السّیاسی ، دارالنّهضة، حلب، الطّبعة الاولی، ۲۰۰۸م.
۳-الماغوط، محمّد، الآثار الکاملة، دمشق، دارالمدی، ۲۰۰۶ م.
۴—–الفرح لیس مهنتی، دمشق، دار المدی، ۲۰۰۶م.
۵—–حزن فی ضوء القمر، دمشق، دار المدی، ۲۰۰۶م.
۶——اغتصاب کان و اخواتها،حوارات حرّرها خلیل صویلح، دار البلد، الطّبعة الاولی، ۲۰۰۲م.
۷—-شرق عدن غرب الله، دمشق، دار المدی، ۲۰۰۶م.
۸-الیسوعی، کامبل، أعلام الادب العربیّ المعاصر، الشرکة المتّحدة للتّوضیع، بیروت، الطّبعة الاولی ،۱۹۹۶م.
المقالات العربیة
۹-ممتحن، مهدی، اتّجاهات الادب المقارن نشأته و حداثته ، نشریه مطالعات ادبیات تطبیقی دانشگاه آزاد جیرفت، بهار ۱۳۸۶، شماره ۱۰،صص ۹۳-۱۱۰٫
۱۰- أحمد فضل، محمد، علم النّفس و الأدب، مجلة الجدید، نفمبر۱۹۷۷،العدد ۱۴۰، صص۶۳-۶۴٫
۱۱- حجو، فواز، صورة الماغوط فی شعره، مجلّة الموقف الأدبی، ۲۰۰۷م، العدد۴۳۳، صص۱۲-۱۴٫
۱۲-الخلیل، أبوالمکارم، الفکرة والعادة، التعلیم الالزامی، السنة الثانیة ۲۷شوال ۱۳۵۳ ، العدد ۶، صص ۲۳-۲۴٫
۱۳-الراکشی، عمر، مایجب أن یعرفه المسلون عن مارکس، مجله الوعی الاسلامی، ذوالحجه۱۴۰۰، العدد۱۹۲، صص۴۳-۴۷٫
۱۴-عبدالحمید، حسن، العاطفة و ارتباطها بالادب، نشریه صحیفة دارالعلوم جماعة دار العلوم، السنة التاسعة ینایر۱۹۴۳، العدد۳،صص ۲۰-۲۶٫
۱۵-محمود، رجب، مصطلحات سارتر الفلسفیّة، نشریة الفکر المعاصر، مارس ۱۹۶۷ ، العدد ۲۵، صص ۲۰-۲۳٫
الکتب و المصادر الفارسیة
۱۶-احمدی، بابک،سارتر که می نوشت، تهران، نشر مرکز، ۱۳۸۴ش.
۱۷-اختیاری، بهروز/حمید باقر زاده، شاملوشاعر شبانه ها وعاشقانه ها، تهران، انتشارات هیرمند،۱۳۸۱ش.
۱۸-پل سارتر، ژان، اگزستانسیالیسم واصالت بشر، ترجمه مصطفی رحیمی، تهران، انتشارات مروارید، چاپ اول،۱۳۴۴ش.
۱۹-پورنامداریان، تقی، سفردر مه، تهران، انتشارات نگاه،۱۳۸۱ش.
۲۰-شاملو، احمد، آیدا در آینه، تهران، انتشارات نگاه، چاپ نهم،۱۳۸۹ش.و yasbook.com
۲۱—-آیدا، درخت، خنجروخاطره، تهران، انتشارات نگاه، چاپ نهم،۱۳۸۹ش.
۲۲—-هوای تازه، تهران، انتشارات نگاه، چاپ نهم،۱۳۸۹ش.
۲۳—-مدایح بی صله، تهران،انتشارات نگاه، چاپ نهم،۱۳۸۹ش.
۲۴—-حدیث بیقراری ماهان، تهران، انتشارات نگاه،۱۳۸۱ش.
۲۵—-باغ آینه، تهران، انتشارات نگاه، ۱۳۸۱،ش.
۲۶-شمیسا، سیروس، راهنمای ادبیات معاصر، تهران، نشرمیترا، چاپ دوم،۱۳۹۰ش.
المقالات الفارسیة
۲۷-اسلامی، حسن، رهیافت دین شناختی مارکس، نشریه فلسفه و کلام وعرفان، هفت آسمان” مرکز مطالعات اديان و مذاهب” تابستان ۱۳۸۷ ش ، شماره ۳۸، صص ۲۱۱-۲۴۲٫
۲۸-اکبری بیرق، حسن، بررسی شعرو اندیشه ی تی.اس.الیوت.و احمد شاملو بر اساس مولفه های مدرنیته ،نشریه جستارهای زبانی دانشگاه تربیت مدرس ، زمستان ۱۳۹۱، شماره ۱۲،صص۴۳-۶۶٫
۲۹-براهنی، رضا، گفتمان دوسویگی در اشعار شاملو، نشریه گوهران “ویژه نامه/جلد یک” ، پاییزو زمستان ۱۳۸۴، شماره ۹و۱۰، صص ۳۶-۶۶٫
۳۰- پروینی، خلیل، جایگاه ادبیات در آثار امام صادق علیه السلام، فصلنامه ی علمی – تخصصی دانشگاه علامه طباطبائی، تابستان ۱۳۹۱،شماره سوم، صص۱ -۲۵٫
۳۱-پیرانی، منصور، ادبیات تطبیقی در گذر ازنحله های گوناگون و عناصر دخیل در پیدایش آن، نشریه تاریخ ادبیات دانشگاه شهید بهشتی، پاییز و زمستان ۱۳۹۱، شماره ۷۱، صص۱۹-۳۶٫
۳۲حکمت، شاهرخ، انسان باوری وبرخی از کارکردهای ان در شعر احمد شاملو، نشریه ادبیات و زبانها” عرفانیات درادب فارسی، پاییز۱۳۹۰، سال دوم،شماره ۸، صص ۱۲۱-۱۴۰٫
۳۳- فتوحی، محمود، تعریف ادبیات، نشریه زبان وادبیات فارسی دانشگاه خوارزمی، بهار۱۳۸۰، شماره ۳۲، صص ۱۷۱ – ۲۹۶٫
۳۴-فتوحی، محمود، عاطفه، نگرش، تصویر، نشریه زبان وادبیات مطالعات تحقیقات ادبی دانشگاه خوارزمی، بهار۱۳۸۳، شماره ۱و۲، صص ۹۳-۱۱۲٫
۳۵-قادری، فاطمه، زمینه اجتماعی اشعار شاملو و ماغوط ،نشریه ی ادبیات تطبیقی،دانشگاه شهید باهنر کرمان، پاییز۱۳۸۸،شماره ۱،صص۱۰۹-۱۳۲٫
۳۶-سیروس، شمیسا، ادبیات وجلوه های صور خیال در شعر سیمین بهبهانی، مجله دانشکده علوم انسانی سمنان، زمستان۸۸، شماره ۲۸، صص۱۰۷-۱۲۰٫
۳۷-میرزایی، محمد، نا امیدیهای اخوان ثالث، نشریه حافظ تهران، آبان ۱۳۸۸، شماره ی ۶۳، صص ۱۸-۲۷٫
۳۸-نظری منظم، هادی، ادبیات تطبیقی تعریف و زمینه های پژوهش، نشریه ادبیات تطبیقی دانشگاه شهید باهنر کرمان، بهار ۱۳۸۹، شماره ۲،صص ۲۲۱-۲۳۸٫
المواقع
۳۹-www.alnahdah.com/Mohammad/seghafahwafnoon
۴۰ -nawafz.owno.com الادب المقارن/هدی قزع/المصباح
۰۹۱۵۵۱۹۴۰۴۴-khorrami.dr@gmail.comعضوالهيئة التدريسية بجامعة الحكيم السبزواري–[۱]
۰۹۳۰۲۳۹۸۸۴۰-mehdinowdehi@Gmail.com[2]2- طالب اللغة العربية في مرحلة الدكتوراه بجامعة الحكيم السبزواري